إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية لك

          6892- وبه قال: (حَدَّثَنَا آدَمُ) بنُ أبي إياس قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج قال: (حَدَّثَنَا قَتَادَةُ) ابن دِعامة (قَالَ: سَمِعْتُ‼ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى) العامريَّ (عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ) ☺ (أَنَّ رَجُلًا) اسمه: يعلى بن أميَّة (عَضَّ يَدَ رَجُلٍ) هو أجيرُ يعلى العاضِّ، كما عند النَّسائيِّ مصرَّحًا به من رواية يعلى نفسه، ولم يُسمَّ الأجيرُ (فَنَزَعَ) المعضوضُ (يَدَهُ مِنْ فَمِهِ) من فم العاضِّ، وللأَصيليِّ وابنِ عساكرَ وأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”من فيه“ بالتحتية بدل الميم، وهو الأكثرُ في اللُّغة، وإن كانت الأولى فاشيةً كثيرةً (فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ) بالفوقية بعد التحتية بالتَّثنية، وللأَصيليِّ وأبي ذرٍّ: ”ثناياهُ“ بلفظ الجمعِ على رأي من يجيزُ في الاثنين صيغة الجمع، وليس للإنسانِ إلَّا ثنيَّتان(1)(فَاخْتَصَمُوا) بلفظ الجمع؛ لأنَّ لكلِّ مخاصمٍ جماعةٌ يخاصِمون معه، أو لأنَّ ضمير الجمع يقع على المثنَّى كقولهِ تعالى: {إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ}[ص:22] (إِلَى النَّبِيِّ صلعم ) يتعلَّق بـ «اختصموا»، وتعدَّى بـ «إلى» وإن كان اختصمَ لا يتعدَّى بـ «إلى»؛ لأنَّه ملموحٌ فيه معنى: تحاكموا (فَقَالَ) صلعم : (يَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ) بحذف همزةِ الاستفهام، والأصل: أيعضُّ على طريق الإنكارِ، وحذفتْ كما حذفت من قوله تعالى: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ}[الشعراء:22] التَّقدير: أو تلك نعمة، والمعنى: أيعضُّ أحدُكم يد أخيهِ (كَمَا يَعَضُّ الفَحْلُ؟) أي: الذَّكر من الإبل، والكاف نعت لمصدرٍ محذوفٍ، أي: أيعضُّ أحدُكم أخاهُ عضًّا مثل ما يعضُّ الفحلُ (لَا دِيَةَ لَكَ) «لا» نافيةٌ، و«ديةٌ» مَبنيٌّ مع «لا»، ومحلُّ «لا» مع اسمها رفعٌ بالابتداء، والخبر في المجرور، أو محذوفٌ على مذهب الأكثرين، فيكون «لك» في محلِّ صفة، والتَّقدير: لا ديةَ / كائنةً لك موجودة، وفي روايةِ ابن عساكرَ في نسخة وأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”له“ بالهاء بدل كاف «لك». قال النَّوويُّ: ولو عُضَّت يده خلَّصها بالأسهلِ من فكِّ لحييهِ وضرب شدقيهِ(2)، فإن عجز فسلَّها فندرتْ أسنانُه، أي: سقطَتْ، فهدَرٌ، أي: لأنَّ العضَّ لا يجوزُ بحالٍ.
          والحديث أخرجه مسلمٌ في «الدِّيات»، والنَّسائيُّ في «القِصاص»، وابن ماجه في «الدِّيات» أيضًا.


[1] في (د): «ثنيتين».
[2] في (س): «شقه».