إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها

          585- وبالسَّند السَّابق(1) قال: (حدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ (قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) الإمام (عَنْ نَافِعٍ) مولى ابن عمر (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) بن الخطَّاب: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: لَا يَتَحَرَّى) بثبوت حرف العلَّة المقتضي لخبريَّة(2) الفعل وكون سابقه حرف نفيٍ، لكنَّه بمعنى النَّهي. وقال في «شرح التَّقريب»: «لا يتحرَّى» بإثبات الألف في «الصَّحيحين» و«المُوطَّأ»، والوجه حذفها لتكون علامةً للجزم، لكنَّ الإثبات إشباعٌ، فهو كقوله تعالى: {إِنَّهُ مَن يَتَّقِي وَيَصْبِرْ}[يوسف:90] فيمن قرأ بإثبات الياء، و«التَّحرِّي»: القصد، أي: لايقصد (أَحَدُكُمْ فَيُصَلِّيَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا) بنصب «فيصلِّيَ» جوابًا للنَّهي المتضمِّن لـ «لا يتحرَّى» كالمضارع المقرون بالفاء في قوله: ما تأتينا فتحدِّثَنا، فالمراد: النَّهي عن التَّحرِّي والصَّلاة معًا، وجوَّز ابن خروف الجزم على العطف‼، أي: لا يتحرَّ ولا يصلِّ، والرَّفع على القطع، أي: لا يتحرَّى فهو يصلِّي، والنَّصب على جواب النَّهي، كما مرَّ.
          وفي الحديث: النَّهي عن الصَّلاة عند طلوع الشَّمس وغروبها، وهو مُجمَعٌ عليه في الجملة، واقتُصِر فيه على حالتي الطُّلوع والغروب، وفي غيره: أنَّ النَّهي مستمرٌّ بعد الطَّلوع حتَّى ترتفع، وأنَّ النَّهي يتوجَّه قبل الغروب من حين اصفرار الشَّمس وتغيُّرها.


[1] «السَّابق»: مثبتٌ من (ب) و(س).
[2] في (ص) و(م): «لخيريَّة»، وهو تصحيفٌ.