الإفهام لما في البخاري من الإبهام

حديث: إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة

          311- عن المِسْوَر بن مَخْرمة ومروان: وشكي إلى رسول الله صلعم العطش فانتزع سهمًا مِن كنانته، ثمَّ أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش(1) لهم بالرِّيِّ حتى صدروا عنه.
          ذكر في «أسد الغابة»: في الذي نزل البئر(2) ثلاثة أقوال: قيل: هو خالد بن عبادة الغفاريُّ، وقيل: نَاجِيَة بن جُنْدُب الأسلميُّ، وقيل: البراء بن عازب، قال في «أسد الغابة»: خالد بن عُبادة الغفاريُّ، هو الذي دلَّاه النبيُّ صلعم في البئر يوم الحديبية(3) ، فَمَاحَ(4) في البئر، فكثر الماء حتَّى روى الناس، وكان رسول الله صلعم قد أخرج سهمًا مِن كنانته، فأمر به فوُضعَ في قَعرها وليس فيها ماءٌ فنبع الماء وكثُر، فقال: مَنْ رجلٌ ينزل في البئر؟ فنزل خالد بن عبادة الغفاريُّ، وقيل: بل نزل فيها ناجِيَة بن جُنْدُب الأسلميُّ، وقيل: البراء بن عازب، أخرجه أبو عمر.
          وفي «طبقات ابن سعدٍ» في ترجمة ناجية بن الأعجم الأسلميِّ: أخبرنا محمَّد بن عمر: أخبرنا(5) الهيثم(6) بن واقد، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه قال: حدَّثني أربعة عشر رجلًا مِن أصحاب رسول الله صلعم: أنَّ ناجِيَة بن الأعجم هو الذي نزل بالسهم في البئر بالحديبية فجاشت(7) بالرِّواء حتى صدروا بعَطَن، قال: وقال محمَّد بن عمر: ويقال: الذي نزل بالسهم ناجِيَة بن جُنْدُب، ويقال: البراء بن عازب، ويقال: عباد بن خالد الغفاريُّ، والأوَّل أثبت أنَّه ناجِيَة بن الأعجم.
          وفيه: وكان(8) المغيرة بن شعبة صحب قومًا في الجاهليَّة.
          سُمِّي مِنَ القوم: الشريد، ولعلَّه الشريد بن سويد الثقفيُّ ففي(9) «جامع عبد الرَّزَّاق» في(10) ترجمة (جهاد النساء(11)) أخبرنا معمر(12) ، عن الزهريِّ قال: صحب المغيرة بن شعبة قومًا في الجاهليَّة فقتلهم وأخذ أموالهم ثمَّ جاء فأسلم، فقال النبيُّ صلعم: «أمَّا الإسلام فأقبل، وأمَّا المال فلست(13) منه في شيء» قال معمر(14): وسمعت أنَّهم كانوا أخذوا على المغيرة ألَّا يغدر بهم حتى يُؤذِنَهم، فنزلوا منزلًا فجعل يحفر بنعل سيفه، قالوا: ما تصنع؟ قال: أحفر قبوركم(15) فاستحلَّهم بذلك، فشربوا ثمَّ ناموا(16) فقتلهم، فلم ينجُ منهم(17) / إلَّا الشَّريد، فلذلك سمِّي الشَّريد.
          وفي «أسد الغابة» أنَّه قيل: إنَّ اسم الشريد مالك، وأنَّه قتل قتيلًا مِن قومه(18) فلحق بمكَّة(19) ، ثمَّ وفد إلى النبيِّ صلعم فأسلم وبايع بيعة الرضوان، وسمَّاه النبيُّ صلعم الشَّريد(20).
          وفيه: فدعا النبيُّ صلعم الكاتب.
          أبهم الكاتب وهو عليُّ بن أبي طالب ☺، جاء ذلك مبيَّنًا في رواية البراء بن عازب في أبواب(21) (الصلح).
          وفيه: فقال رجل مِن كنانة: دعوني آتيه، فقالوا: ائته(22).
          قيل: الرجل المذكور هو حليس بن علقمة(23) قاله الأمير(24) ابن ماكُولا، فقال: قال الزبير: الحليس بن علقمة الحارثيُّ سيِّد الأحابيش(25) ، هو الذي قال النبيُّ صلعم يوم الحديبية: «هذا مِن قومٍ يعظمون البُدْن(26) فابعثوها(27) في وجهه».
          وفيه: ودعا(28) حالقه(29) فحلقه(30).
          الحالق هو خراش بن أميَّة، قال في «أسد الغابة»: خِراش بن أميَّة الكَعبيُّ الخُزاعيُّ، وهو الذي حلق رأس رسول الله صلعم يوم الحديبية، وفي «طبقات ابن سعد»: أنَّه هو الذي حلق له(31) أيضًا في عمرة الجِعْرَانة.
          وفيه: فطلَّق عمر ☺ يومئذٍ امرأتين كانتا له في الشرك.
          قد ذكر(32) في الرواية التي بعد هذه تسمية إحدى المرأتين، وهي قريبة بنتُ أبي أميَّة، ونعت الأخرى بأنَّها ابنة(33) جِرول الخزاعيِّ، وتكنى هذه أمُّ كلثوم، ذكره ابن بَشْكُوال، واسمها مليكة، لكن في هذه الرواية أنَّه تزوَّج أحدهما(34) معاوية، وتزوَّج الأخرى صفوان بن أميَّة، وفي تلك أنَّه تزوَّج قريبة معاوية، وتزوَّج الأخرى أبو جهمٍ.
          وفيه: فجاء أبو بصير(35) فأرسلوا في طلبه(36) رجلين، فقال أبو بصير(37) لأحد الرجلين الذين حضرا(38): أرني سيفك، فأمكنه منه فضربه حتى بَرَدَ وفرَّ الآخر.
          قد سمِّي أحد الرجلين اللذين حضرا في طلب أبي بصير: عتبة(39) ، وقيل: عبيد بن أَسِيد الثقفيُّ، وقيل(40): إنَّ(41) الرجل المبعوث هو جحيش(42) بن جابر مِن بني منقذ، وكان ذا جلد ورأي في أنفس المشركين، كما ذكره ابن عقبة، وفي رواية ابن إسحاق: أنَّ الرجل كان مِن بني عامر بن لؤيٍّ / ومعه مولًى لهم، ولعلَّ المقتول هو السيِّد لا المولى؛ لأنَّ(43) العربيَّ لا يرضى لنفسه إلَّا بالأعلى، والذي أرسل في طلبه(44) الأخْنَس بن شَرِيْق، وأزهر بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة، وكان(45) أبو بصير [حليفًا لبني زهرة، فأحد(46) الطالبين له(47) ثقفيٌّ والآخر زهريٌّ، وأبو بصير](48) ثقفيٌّ كما تقدَّم، هذا ما كنت أوَّلًا قلته(49) ، ثمَّ(50) وجدت في «طبقات ابن سعدٍ» اسم المولى، وأنَّ المقتول السيِّد، ولفظه في ترجمة أبي بصير: أنَّه كتب(51) الأخْنَس بن شَرِيْق الثقفيُّ حليف بني زهرة، وأزهر بن عوف الزهريَّ إلى رسول الله صلعم كتابًا وبعثا إليه رجلًا مِن بني عامر بن لؤيٍّ وهو خُنَيْس بن جابر استأجراه ببكرٍ ابن لَبون، وسألا رسولَ صلعم أن يردَّ أبا بصيرٍ إليهما على ما اصطلحوا عليه يوم الحديبية أن يردَّ إليهم مَنْ جاء منهم، فخرج خُنَيْس بن جابر ومعه مولًى له يقال(52) له: كوثر، فقدِما على النبيِّ(53) صلعم بكتاب الأخْنَس بن شَرِيْق(54) وأزهر بن عبد عوف، فقرأه ودفع أبا بصير إليهما، فلمَّا كانا بذي الحليفة عَدَا(55) أبو بصيرٍ على خُنَيْس بن جابر فقتله بسيفه، وهرب منه كوثر حتى قدم المدينة، فأخبر النبي(56) صلعم، ورجع أبو بصير فقال: وفيتَ بذمَّتك يا رسول الله، فدفعتني إليهم، فخشيتُ أن يفتنوني عن ديني فامتنعت، فقال رسول الله صلعم لكوثر: «خذه فاذهب به(57) » فقال: إنِّي أخاف أن يقتلني، فتركه ورجع إلى مكَّة، فأخبر قريشًا بما كان مِن أمر أبي بصير، وكان ممَّن لحق بأبي بصير الوليد بن الوليد بن المغيرة، وأبو جندل بن سهيل بن عمرو انتهى، واسمه العاصي أبو جندل(58) ، فسمِّي(59) المبعوث خنيسًا(60).
          والذي كتبته أوَّلًا وجدته في (تصحيح المنهاج) لشيخنا ☺وهو في مغازي موسى بن عقبة. [خ¦2731] [خ¦2732]


[1] في (أ): (يحسن)، وهو تحريف.
[2] في (م): (فيه).
[3] في (م): (الحديبة).
[4] في (أ): (فماج).
[5] في (أ) و(م): (حدثني). كذا في المطبوع.
[6] في (أ): (الهشيم)، وهو تحريف.
[7] في (أ): (فجاءته)، وهو تحريف.
[8] في المطبوع: (كان).
[9] في (أ): (ابن)، وهو تحريف. وفي المطبوع: (من).
[10] في (أ): (من). كذا في المطبوع.
[11] في (م): (الناء)، وهو تحريف.
[12] في (أ): (نعيم).
[13] في (أ): (قلشت)، وهو تحريف.
[14] في (أ) والمطبوع: (نعم)، وهو تحريف.
[15] في (أ): (برؤوسكم). كذا في المطبوع.
[16] في (أ) : (ماتوا)، وهو تحريف. وفي المطبوع: (باتوا).
[17] في (م): (منه).
[18] (من قومه): ليس في (أ) ولا في المطبوع.
[19] في (أ): (يمسكه). وكذا في المطبوع.
[20] في (أ): (الريد)، وهو تحريف.
[21] في (أ): (إقرار). وكذا في المطبوع.
[22] في (م): (إنه).
[23] زيد في (م): (الحارثي).
[24] (الأمير): ليس في (أ).
[25] في (أ): (أحاليس). وكذا في المطبوع.
[26] في (أ): (البدل).
[27] في (م): (فابعثونها). وفي المطبوع: (فابعثوا).
[28] في (أ): (فدعا).
[29] في (م): (حانقه)، وهو تحريف.
[30] في المطبوع: (فحلق).
[31] (له): ليست في المطبوع.
[32] في (أ): (فذكر). وكذا في المطبوع.
[33] في (أ): (ابنته).
[34] في (م): (إحداهما). وكذا في المطبوع.
[35] في (م): (نصير)، وهو تصحيف.
[36] في (أ): (طلب).
[37] في (أ) و(م): (نصير)، وكذا في المواضع اللاحقة في (م)، وهو تصحيف.
[38] في (أ): (حضروا)، وكذا في الموضع اللاحق، و(الذين حضرا): ليس في (ق).
[39] (عتبة): ليس في (أ).
[40] في (ق): (فقيل)، والمثبت هو الأصح.
[41] (إن): ليست في المطبوع.
[42] في (م): (جحش).
[43] زيد في (أ): (لأن)، وهو تكرار.
[44] في (أ): (طلب).
[45] في (م): (وقال).
[46] في (م): (فأصل).
[47] (له): ليست في المطبوع.
[48] ما بين معقوفين ليس في (أ).
[49] في (أ): (ما كنت قلته لولا) وكذا في المطبوع وبزيادة (أن)، وفي (م): (ما كنت قلته أولًا).
[50] في (أ): (لم).
[51] في (م): (لقب).
[52] في (م): (فقال).
[53] في (أ): (رسول الله). وكذا في المطبوع.
[54] في (م): (شريف)، وهو تحريف.
[55] في (م): (غدا).
[56] في (أ): (رسول الله). وكذا المطبوع.
[57] (به): مثبت من (ق).
[58] (واسمه العاصي أبو جندل): ليس في (ق) و(م).
[59] في (ن): (فسماه).
[60] في (أ): (حليسًا). وكذا في المطبوع.