أعلام الحديث في شرح معاني كتاب الجامع الصحيح

حديث عتبان: كنت أصلي لقومي بني سالم وكان يحول بيني

          250/ 1185- 1186- قال أبو عبد الله: حدَّثني إِسْحاقُ (1) : حدَّثني (2) يَعْقُوبُ بنُ إِبْراهِيمَ: حدَّثنا أَبِي، عن ابنِ شِهابٍ، قالَ: أخبَرني مَحْمُودُ بنُ الرَّبِيعِ:
          أَنَّهُ سَمِعَ عِتْبانَ بنَ مالِكٍ الأَنْصارِيَّ يَقُولُ: جِئيـتُ رَسُولَ اللهِ صلعم فَقُلْتُ لَهُ: إنِّي (3) أَنْكَرْتُ بَصَرِي، وَإِنَّ الوادِيَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَ قَوْمِي يَسِيلُ إذا جاءَتِ الأَمْطارُ، فَيَشُقُّ (4) عَلَيَّ اجْتِيازُهُ (5)، فَوَدِدْتُ أَنَّكَ تَأتِي فَتُصَلِّي مِنْ بَيْتِي مَكاناً؛ أَتَّخِذُهُ مُصَلّىً. فقالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : «سَأَفْعَلُ». فَغَدا (6) عَلَيَّ وَأَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ما اشْتَدَّ النَّهارُ، فاسْتَأذَنَ فَأَذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قالَ: «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟» فَأَشَرْتُ لَهُ (7) إلى المَكانِ الَّذِي أُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ فِيهِ، فَقامَ فَكَبَّرَ (8)، وَصَفَفْنا وَراءَهُ، فَصَلَّىَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنا، فَحَبَسْتُهُ علىَ خَزِيرٍ يُصْنَعُ لَهُ، فَسَمِعَ أَهْلُ الدَّارِ أن رَسُولَ اللهِ صلعم فِي بَيْتِي، فَثابَ رِجالٌ مِنْهُمْ حَتَّىَ كَثُروا فِي البَيْتِ (9). وساق الحديث.
          (الخَزِيرُ): طعامٌ يُتَّخَذُ مِنْ دقيق ولحم.
          وفيه من الفِقْه أنَّ صلاة النافلة تُصَلَّى جماعةً، وأنَّ نوافِلَ النهار تُصَلَّى ركعتين كَهِيَ بالليل.
          وقوله: «فَسَمِع أهلُ الدَّار» يُريدُ: أَهْلَ المَحَلَّةِ التي فيها الدُّور، ومنه الحديثُ (10) أنَّه قال: «خَيْرُ دُور الأنصار (11) بنو النَّجَّار، ثُمَّ دار بَني عبد الأشهل، ثُمَّ دارُ بَلْحَارث، ثُمَّ دار بني ساعدة، وفي كُلِّ (12) دورِ الأنصار خيرٌ» (13).
          ومثله الحديثُ الآخَر: أنَّه (14) أمرَ ببناء المساجد (15) التي في الدُّور وتنظيفها (16).
          يُريدُ: المَحَالَّ التي فيها الدُّورُ، ومن هذا قول الله (17) ╡ : {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} [الأعراف:145]، وقوله: {تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ} [هود:65]
          وفيه استحبابُ تأَخِّي (18) الصَّلاة في المواضع التي (19) صَلَّى فيها رسولُ الله (20) صلعم / والتَّبَرُّك بذاك (21).
          وفيه أنَّ الموضع الذي اتخَّذه في بيته مسجداً لم (22) يخرج من مِلْكه، فيكون بمنزلة المساجد المتَّخذة في المحالِّ للصلاة فينقطع عنها الإملاك.
          وفيه أنَّ النَّهْيَ عن أن يُوطِّنَ الرجُل مكاناً يُصَلِّي فيه، إنَّما هو في المساجدِ دون البيوت (23).


[1] قوله: (حدثني إسحاق) ليس في الأصل.
[2] قوله: (إسحاق حدثني) سقط من الأصل، والمثبت من (ط).
[3] قوله: (إني) زيادة من الفروع.
[4] في (ط): (فشق).
[5] في (ط): (إمكان).
[6] في (ط): (فعلا).
[7] قوله (فلم يجلس... ففأشرت له) سقط من (ر).
[8] في (ط) زيادة هنا: (فاستأذن).
[9] (في البيت) ليس في (ر).
[10] في الفروع: (ومثله الحديث).
[11] قوله: (تصلى ركعتين... الأنصار) سقط من (ط).
[12] (كلّ): سقط من (ط) و(م).
[13] انظر، البخاري رقم (3791)، عن أبي حميد.
[14] في (م): (له).
[15] في الفروع: (المسجد) على الإفراد. وفي (أ): (في المسجد).
[16] انظر: سنن أبي داود رقم (455▒، عن عائشة ♦.
[17] في الفروع: (وكذلك قوله).
[18] في (ر): (تأدي).
[19] في (ف) و(م): (الذي).
[20] في (أ): (النبي).
[21] في الفروع: (به وبالصالحين).
[22] في (ط): (لا).
[23] (فينقطع... البيوت) سقط من (ط).