أعلام الحديث في شرح معاني كتاب الجامع الصحيح

حديث: أن رسول الله كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه

          243/ 1105- قال أبو عبد الله: حدَّثنا أَبُو اليَمانِ، قالَ: أخبَرنا شُعَيْبٌ، عن الزُّهْرِيِّ، قالَ: أخبَرني سالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ:
          عَنِ ابنِ عُمَرَ / ♦ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم كانَ يُسَبِّحُ علىَ ظَهْرِ راحِلَتِهِ حَيْثُ كانَ وَجْهُهُ، يُومِئُ بِرَأسِهِ.
          قوله: (يُسَبِّحُ) معناه (1) : يُصَلِّي النافلة، وهي السُّبْحَة، ومنه حديث عائشة☻ في سُبْحَة الضُّحَى (2).
          وقوله: (حيث كان وَجْهُه) فإنَّ هذا إنَّما يجوز في تَضَاعِيف الصَّلاة، فأمَّا إذا أرادَ افْتتاحَ الصَّلاة فإنَّه يَسْتَقْبِلُ القِبلةَ، فإذا كَبَّر صَلَّى حيث تَوَجَّهت به راحلَتُه.
          والأَصْلُ في الصَّلاة أنَّها لا تُجْزِئ إلَّا باسْتِقبال القِبلَة، إلَّا أَنَّه كان يَشُقُّ على المُسافر لو كُلِّفَ ذلك في جميع أجزاء صَلاته، وعند الافتتاح يَخفُّ عليه الأَمْرُ فيه.
          ولو كُلِّفَ المُسافرُ الاسْتِقبال في صَلاتِه كُلِّها لَقَلَّ حَظُّه من العِبادَةَ، وَلَفَاتَتْهُ أورادُه، ورُبَّما عاقَه عنها إذ نَزَلَ الإعياءُ والكَلالُ، وتَعَهُّدُ مِهْنَة السَّفَر، فَرَخَّصَ له في تَركِ الاستقبال إلَّا في مَوْضِعِ الافتتاح، فإنَّ ذلك لا يَشُقُّ عليه، ولا يَصُدُّه عن وِجْهَةِ سَفَرِه (3).


[1] في الفروع: (أراد).
[2] انظر: البخاري رقم (1128).
[3] في الفروع زيادة: (فوجب ذلك عليه).