أعلام الحديث في شرح معاني كتاب الجامع الصحيح

حديث: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية

          1150/ 6921- قال أبو عبد الله: حَدَّثَنَا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى (1)، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ وَالأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ (2) قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: «مَنْ أَحْسَنَ فِي الإِسْلاَمِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ (3) أَسَاءَ فِي الإِسْلاَمِ أُخِذَ بِالأَوَّلِ وَالآخِرِ».
          قلت: ظاهر هذا الحُكْمِ خلافُ ما أجْمعت عليه الأُمَّة من أنَّ (4) الإسلامَ يَجُبُّ ما قَبْلَه (5)، قال اللهُ تعالى (6) : {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال:38].
          ووَجْهُ هذا الحديث وتأويلُه: أنَّه إذا أَسْلَم مَرَّةً لم يُؤاخَذْ بما كان (7) سَلَفَ من كُفْرِهِ، ولم يُعاقَبْ عليه، وإنْ أَسَاءَ في الإسلام غَايَةَ الإساءة، ورَكِبَ أَشَدَّ ما يكون من المعاصي، ما دام ثابتاً على إسْلامِه، وإنَّما يُؤخَذُ بما جناه في الإسلام من المعصية (8)، ويُعَيَّر (9) بما كان منه في الكفر، ويُبَكَّت به، كأنَّه يقال له: أَلَيْس قد فعلت كَيْتَ / وكَيْتَ وأنتَ كافر؟ فهلَّا مَنَعَكَ إسلامُك من مُعَاودةِ مثله إذْ أسلمت؟ ثمَّ يُعَاقَبُ على قَدْر مَا يَسْتَحِقُّه من المَعْصِية التي اكتسبها في الإسلام، ولا يَجوزُ أن يُعَاقَبَ عُقُوبَةَ الكُفَّارِ؛ لأنَّ المُسْلمَ لا يَخْلُد في النَّارِ (10)، والكافر مُخَلَّدٌ (11) فيها أبداً.


[1] في (ر) و(ف): (يحيى بن خلاد).
[2] في الأصل و(م): (أبي مسعود) والمثبت من سائر الفروع.
[3] في (ر): (وما).
[4] قوله: (أن) سقط من الأصل، والمثبت من الفروع.
[5] انظر: سند الإمام أحمد (4/ 199)، وعمدة القاري (19/ 361)، نقلاً عن الخطابي.
[6] قوله (قال الله تعالى) تكرر في الأصل.
[7] زاد في (م): (قد).
[8] في الفروع: (من المعصية في الإسلام).
[9] في الفروع: (ويُغْفر) وهو تحريف. وفي عمدة القاري (19/ 361) كالأصل، نقلاً عن الخطابي.
[10] في الفروع: (جهنم).
[11] في (أ) و(ف) و(م): (يخلد)، مضارعية