أعلام الحديث في شرح معاني كتاب الجامع الصحيح

حديث: أن النبي أعطاه دينارًا يشتري به شاةً فاشترى له به شاتين

          755/ 3642- قال أبو عبد الله: حدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قالَّ: حدثنا سُفْيانُ (1)، قال: حدَّثنا شَبِيْبُ بْنُ غَرْقَدَةَ، قالَ: سَمِعْتُ الْحَيَّ يتَحَدَّثُونَ (2) :
          عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلعم أَعْطاهُ دِيناراً يَشْتَرِي (3) لَهُ بِهِ (4) شاةً (5)، فاشْتَرَىَ لَهُ بِهِ شاتَيْنِ، فَباعَ إِحْداهُما بِدِينارٍ، وَجاءَهُ بِدِينارٍ (6) وَشاةٍ، فَدَعا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرابَ لَرَبِحَ (7) فِيهِ.
          قلتُ: أَمْرُ الوَكالةِ مبنيٌّ على النظر للمُوَكِّلِ، والحَيْطَةِ (8) له فيما وُكِّلَ فيه، ولا أعلمُ خلافاً في أنَّ مَنْ وَكَّلَ رَجُلاً بأن يشتري له شيئاً بعينه بدينارَيْنِ فاشتراهُ له بدينارٍ أنَّ بَيعَهُ جائزٌ؛ لأنَّه قد ائْتَمَرَ له فيما وكَّلَه به وزَادَهُ خيراً، فهذا إذا اشترى بالدينار شاتين (9) كان فِعْلُه جائزاً؛ لما ذكرناهُ من المعنى.
          وأمَّا بيعُه إحْدَى الشاتين فقد يحتملُ أن يكون صلعم قد جعل ذلك إليه، ووَكَّلَهُ به، وإنْ لم يكن مَذْكُوراً في الخبر، وأمَّا على حُكْم الظاهر من الحديث وعَدَم بيان التفويضِ فدِلاَلتُه (10) جوازُ بيع الرجل مِلْكَ غيره بغير إذْنه إذا أجازهُ مالِكُه فيما بعدُ، وإليه ذهب مالكٌ (11) وأبو حنيفة (12)، وإسحاقُ بن راهويه، ولم يُجِزْهُ الشافعيُّ (13).


[1] في (ر): (شعبان).
[2] في (أ): (يحدثون).
[3] في (ر) و(ف) و(م): (ليشتري).
[4] في (ط): (بها) وسقطت من (ر) و(ف) و(م).
[5] في (أ): (شاتين).
[6] قوله: (وجاءه بدينار) سقط من الأصل، والمثبت من (ط)، وقد تكرر في (ر).
[7] في (ر): (ربح) وفي (ف): (لرجح).
[8] في (أ): (والحوطة) وفي (م): (والحياطة).
[9] في (م): (شاتين بالدينار).
[10] في (ف) و(ف): (بدلالته).
[11] انظر: حاشية الدسوقي: (3/ 342).
[12] انظر: فتح القدير(8/ 77).
[13] انظر: الأمّ (3/ 207)