أعلام الحديث في شرح معاني كتاب الجامع الصحيح

حديث: كنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله

          664/ 3151- قال أبو عبد الله: حدَّثنا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، قال: حدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ (1)، قال: حدَّثنا هِشَامٌ، قَالَ: أخبرني أَبِي:
          عَنْ أَسْمَاءَ بنت أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: كُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَىَ مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي (2) أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللهِ صلعم علىَ رَأْسِي، وَهْيَ مِنِّي علىَ ثُلُثَيْ (3) فَرْسَخٍ.
          وقال أبو ضمرة، عن هشام، عن أبيه، أنَّ النبيَّ صلعم أقطَعَ الزُّبيرَ أرضاً من أموال بني النَّضير.
          قلت: أمَّا إقطاعُ أرضِ المدينة فلستُ أدري كيف يَصحُّ ذلك؟! وأهلُ المدينة أسلَمُوا رَاغبينَ في الدِّين، وكلُّ مَنْ أسْلَمَ عن رَغبةٍ أحْرَزَ مَالَهُ ودَارَهُ (4)، والافِتئيـاتُ عليهم في أموالهم غيرُ جائزٍ، إلَّا أن يكون ذلك على الوجه الذي جاء فيه الأثر عن ابن عبَّاس: أنَّ الأنصارَ جَعَلَتْ لرسولِ الله صلعم مَالاً يبلغُهُ الماءَ من أرضيهم. فيحتمل أن يكون / رسولُ الله صلعم إنَّما أقطعَ الزُّبيرَ أرضاً منها، فأحياها الزُّبيرُ وَ عَمَرَها.
          وقد دَلَّ قولُ أسماءَ: أنَّها كانت تنقلُ منها النَّوى (5)؛ أنَّه كان فيها نَخلٌ، فلا يُنكرُ أن يكون الزُّبيرُ قد غَرَسَ فيها نخلاً، فطالت وبَسَقت (6) وأثمَرَت؛ لأنَّ هذا الإقطاعَ إنَّما كان أيَّامَ حياةِ رسولِ الله ِ صلعم، وقد بقي الزُّبيرُ إلى أيَّام عليٍّ♦ وهلك يومَ الجَمَل (7)، ولَعَلَّ تلك المُدَّة تُقاربُ ثلاثين سنةً أو نَحوها، والنخلُ يُثمر قبل هذه المُدَّة، وأرضُ المدينة (8) مُنَزَّهٌ، و النخلُ يُسرعُ نُشُوؤُهَا في مثل ذلك المكان.
          وأمَّا إقطاعُه إيَّاهُ من أرض بني النَّضير فوجْهُ ذلك بَيِّنٌ، وهو أن يكونَ ذلك من مالهِ، وكان رسولُ الله صلعم اصْطَفاها، فكان يُنفِقُ منها إلى أهله (9)، ويَرُدُّ فَضلها في نَوائبِ المسلمين، وقد رُويَ عن رسولِ الله (10) صلعم أنَّه كان أعطاهُ الأنصارَ حين دُخُولِهِ المدينةَ، كُلَّ قبيلةٍ منهم (11) نَخَلاتٍ، فلمَّا أُجليَ بنو النَّضيرِ ردَّها إليهم (12). فلا يبعدُ أن يكون قد أقطَعَ الزُّبيرَ منها، و اللهُ أعلم (13).


[1] في (م): (حدثنا أسامة).
[2] في (ف): (التي).
[3] في (ر) و(ف): (فهو على ثلثي) وتكررت (فهو) في (ف).
[4] في (أ) و(ف) و(م): (داره وملكه). وفي (ر): (داره وماله).
[5] في (ر) و(ف): (النوى منها).
[6] في (ر): (وأينعت).
[7] انظر: الإصابة (4/ 7).
[8] قوله (وأرض المدينة) سقط من (م).
[9] (إلى أهله) سقطت من (ط) وفي الفروع: (على أهله).
[10] في الفروع: (روي أن النبي).
[11] (كل قبيلة منهم) تكررت في (م).
[12] انظر: البخاري رقم (3128)، عن أنس بن مالك.
[13] (والله أعلم) سقطت من (ط).