أعلام الحديث في شرح معاني كتاب الجامع الصحيح

حديث: إن لله تسعةً وتسعين اسما مائة إلا واحدًا من أحصاها

          598/ 2736- قال أبو عبد الله: حدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، قال: حدَّثنا شُعَيْبٌ، قال: حدَّثنا أَبُو الزِّنَادِ (1)، عن الأَعْرَجِ:
          عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ (2) صلعم قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ تعالى تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً، مِائـةً إلَّا وَاحِداً (3)، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ».
          الإحصاءُ في هذا يَحتملُ وُجُوهاً: أظهرها العَدُّ (4) لها حتَّى يَستوفيها، يُريدُ: أنَّه لا يَقْتَصِرُ على بعضها، لكن يدعُو اللهَ بها كُلِّها، ويثني على اللهِ بِجميعها، فيستوجبُ بذلك الموعودَ عليها من الثواب.
          والوَجه الآخر: أنَّ معنى الإحصاءِ فيها الإطَاقَةُ، قال الله تعالى {عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ} [المزمل:20]. أي: لن تُطيقوهُ، وقال النبيُّ صلعم : / «استقيموا ولن تُحصوُا» (5). أي: لن تُطِيقوُا أن تبلُغُوا كُنهَ الاسِتقامةِ، ولكن اجتهدُوا في ذلك مَبلغَ الوُسعِ والطَّاقة.
          والمعنى: أنَّ من أَطَاقَ القيامَ بحقِّ هذه الأسماء، والعمل بمقتضاها، وهو بأنْ يَعتبرَ مَعَانيها، فَيلزِمَ (6) نفسه مَوَاجِبَهَا (7)، فإذا قال: الرَّزَّاقُ؛ وثِقَ بالرِّزقِ، ويَرْجُو رَحمته إذا قال: الرَّحيم؛ ومَغْفِرَتَه إذا قال: الغَفَّارُ؛ ويعلم (8) أنَّ الخير والشَّرَّ منه لا شَريكَ له إذا قال: الضَّارُّ النَّافع؛ وعلى هذا المثال في سَائر الأسماء.
          وفيه وجهٌ ثالثٌ: وهو أن يكونَ معناهُ: مَن عَقَلَها وأحاطَ عِلماً بمعانيها، مِن قولِ العرب (9) : فُلانٌ ذُو حَصَاةٍ؛ أي ذو عَقلٍ ومَعرفةٍ (10).


[1] في (أ): (أبو حمزة).
[2] في (ف): (أن النبي).
[3] في الأصل و(ط) و(أ): (إلا واحدة) والمثبت من (ف) و(م).
[4] في (أ) و(م): (العدد).
[5] انظر: سنن ابن ماجة رقم (277▒ عن ثوبان.
[6] في الفروع: (وألزم).
[7] في (أ): (بواجبها).
[8] في (ف) و(م): (وعلم) وفي (أ): (وعلى).
[9] في (م): (من قولهم).
[10] في (ف): (معرفة وعقل) وفي (م): (ذو محفل).