أعلام الحديث في شرح معاني كتاب الجامع الصحيح

حديث: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره

          593/ 2703- قال أبو عبد الله: حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حدَّثني / حُمَيْدٌ:أَنَّ أَنَساً حَدَّثَهُمْ: أَنَّ الرُّبَيِّعَ _وَهْيَ ابْنَةُ النَّضْرِ_ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا الأَرْشَ، وَطَلَبُوا الْعَفْوَ فأُتِيَ، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صلعم فَأَمَرَ بِالْقِصَاصِ، فَقالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللهِ؟! لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا. فَقَالَ: «يَا أَنَسُ! كِتَابُ اللهِ الْقِصَاصُ!». فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَعَفَوْا، فَقالَ النَّبِيُّ صلعم : «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ، مَنْ لَوْ أَقْسَمَ على اللهِ لأَبَرَّهُ».
          قوله ╕: (كِتَابُ اللهِ القِصَاصُ) معناهُ: فَرْضُ اللهِ الذي فَرَضَهُ على لِسَانِ نَبِيِّهِ، وأنزلَه عليه مِنْ وَحْيِهِ، وقد تقدَّمَ بيان (1) أنَّ الكِتَابَ قد يكونُ بمعنى الفَرْضِ والإيجاب.
          وقال بعضُهم: أرادَ به قولَ اللهِ تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} إلى قوله: {السِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة:45] وهذا على (2) قولِ مَنْ يَرَى أنَّ شَرَائعَ الأنْبِيَاءِ عليهم السلام لَازِمةٌ لَنَا، وأنَّ النبيَّ صلعم كانَ يَحْكُمُ بما في التَّوْراةِ.
          وقيل: إنَّ هذا إشَارةٌ إلى قوله {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} [النحل:126] وعُمُومُه يأتي على السِّنِّ وغيرهَا من الأعضاءِ والجَوارِحِ.


[1] انظر: شرحه للحديث رقم (611/ 2695).
[2] في (ط): (وعلى هذا).