أعلام الحديث في شرح معاني كتاب الجامع الصحيح

حديث: اعرف عدتها ووكاءها ووعاءها

          530/ 2437- قال أبو عبد الله: حدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قال: حدَّثنا شُعْبَةُ، عن سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، قَالَ:
          سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ غَفَلَةَ قَالَ:
          سمعت أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ (1) يقول: وَجَدْتُ صُرَّةً علىَ عَهْدِ رسول الله صلعم فيها مِائَةُ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ بِهَا رسول الله صلعم، فَقَالَ: «عَرِّفْهَا حَوْلاً». فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً، ثُمَّ أَتَيْتُه، فَقَالَ: «عَرِّفْهَا حَوْلاً». فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ: «عَرِّفْهَا حَوْلاً». فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً (2)، ثُمَّ أَتَيْتُهُ (3) الرَّابِعَةَ فَقَالَ: «اّْعْرِفْ عِدَّتَهَا، وَوِكَاءَهَا، وَوِعَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ (4) صَاحِبُهَا، وَإِلَّا اسْتَمْتِعْ بِهَا».
          قال أبو عبد الله: وحَدَّثنا عَبدانُ، قال: أخبرنا أَبي، عن شُعبة، عن سلمة بهذا، قال: فَلَقِيتُه بعدُ بمكَّة، فقال: لا أدْري ثلاثَةَ أحْوالٍ أو حَوْلاً واحداً (5).
          في هذا الحديث من الفِقْه: أنَّ أَخْذَ اللُّقَطَةِ جائزٌ (6)؛ وذلك أنَّه لم يُنِكرْ عليه ِالسلام على أُبَيٍّ أَخْذها والْتِقَاطَها.
          وفيه أنَّ اللُّقَطَةَ (7) إذا كانت ممَّا تَبْقَى مُدَّةَ السَّنَةِ من غير فَسَادٍ (8) / يَلْحَقُه بطول اللُبْثِ فإنهَّا تُعَرَّفُ سَنةً، فإن جَاءَ صاحبُها وإلَّا فهي لِلْمُلْتَقِطِ يَسْتَمْتِعُ بها (9)، وليس في الخبر أنَّ عليه أن يتصدَّقَ بها (10).
          والاسْتمتاعُ ذُو جِهاتٍ، فله أن يتصَّرفَ فيها على جِهاته كُلِّها: إنْ شَاءَ أَكَلَ، وإنْ شَاءَ باعَ أو وَهَبَ (11)، وإنْ شَاءَ تصدَّقَ (12)، على أن يَغْرَمَهَا لِصَاحِبِها إذا جاء يوماً مَا.
          وفيه أنَّ الغَنِيَّ والفقيرَ سَواءٌ في جواز (13) الاستمتاع بـها، قال الشافعيُّ: وأُبَيُّ بن كَعْبٍ من مَيَاسِيرِ أهل المدينة (14).
          وإنَّما أمرهُ بمعرفة عددها ووِعائها وَوِكائها، وهو الخيطُ الذي يُشَدُّ به (15) الكيُس والصُّرَّةُ ونحوُهما لأحَدِ أمرين:
          إمَّا ليكون إذا جاء (16) صَاحبُها فاعْترفَها بصِفَتها، ووَقَعَ في نَفْسِهِ صِدْقُه بإصَابَةِ النَّعْتِ والصِّفَةِ لـها على بصيرةٍ من أمرها رَدَّها على صاحبها (17).
          وإمَّا (18) ليكون (19) مُمَيِّزاً لـها بتلك العلاماتِ من جُمْلَةِ مَالِهِ (20)، ولا تَخْتَلِطُ به، فَيَشْتَبِهُ عليه الأمرُ فيها إنْ عَاشَ، أو على ورثته إن مَاتَ.
          وقوله: (ثم أتَيْتُه الرابعة) يُشْبِهُ أن يكونَ وهْمْاً، ألا ترى أنَّ الراويَ يَشُكُّ فيه فقال: لا أدري ثلاثةَ أَحْوَال أو حَوْلاً؛ وفي سَائر الرِّوايات إنَّما هو حَوْلٌ واحدٌ، وعليه العملُ عند عامَّة العلماء (21).


[1] (أبي بن كعب) سقط من (ط).
[2] قوله: (فعرَّفتها حولاً) زيادة من (ف) وسقط من (م) قبله أيضاً قوله: (ثم أتيته فقال عرفها حولاً).
[3] (ثم أتيته) سقطت من (أ).
[4] (جاء) سقطت من (ط).
[5] قوله (قال أبو عبد الله... أو حولا واحداً) سقط من (أ) و(م).
[6] في (أ) و(م): (فيه جواز أخذ اللقطة) وفي (ف): (وفيه أن أخذ اللقطة جائز).
[7] في (أ) و(م): (أنها) وفي (ف): (أنه إذا كانت اللقطة).
[8] في (أ) و(م): (تبقى ولا تفسد في مدة السنة) وفي (ف): (تبقى مدة السنة ولا تفسد).
[9] في الفروع: (وفيه أنه يستمتع بعد انقضاء الحول بها) وفي (أ): (... بها بعد انقضاء الحول).
[10] في الفروع: (لا يلزمه التصدق بها).
[11] في (ف): (وإن شاء وهب وإن شاء باع).
[12] في (أ) و(م): (يأكل ويهب ويبيع ويتصدق هو بالخيار في ذلك).
[13] في الفروع: (يستويان في حق).
[14] انظر: الأمّ (3/ 289).
[15] في (ط): (بها).
[16] (جاء) سقطت من (ف).
[17] في (أ) و(م): (أن يردها عليه) وفي (ف): (ردها عليه).
[18] في (ف): (أم).
[19] في (ط): (أن يكون).
[20] في الفروع: (سائر أملاكه في حياته وبعد موته) وفي (أ): (مميزة عن سائر ملكه...).
[21] في الفروع مختصراً: (وإجماع العلماء على حول واحد).