الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

حديث: الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئا.

          6956- قوله: (وقال بعض النَّاس في عشرين ومئة بعير...) إلى آخره، قالَ القَسْطَلَّانيُّ: وهذا يقتضي على اصطلاح المؤلِّف بإرادة الحنفيَّة اختصاصهم بذلك، لكنَّ الشَّافعيَّة وغيره يقولون بذلك أيضًا، وأجيب بأنَّ الشَّافعيَّ(1) وغيره وإن قالوا: لا زكاة عليه لا يقولون: لا شيء عليه، لأنَّهم يلومون على هذه النِّيَّة، لكنْ قال البَرْماويُّ: إنَّما يلام إذا كان حرامًا، ولكنْ هو مكروه، وقالَ مالكٌ: مَنْ فوَّت مِنْ ماله شيئًا يَنوي به الفِرار مِنَ الزَّكاة قبل الحول بشهر أو نحوه لزمته الزَّكاة عند الحول لقوله صلعم: (خَشْيَةَ الصَّدقة). انتهى.
          وفي «شرح المهذب»: قالَ الشَّافعيُّ والأصحاب: إذا باع فِرارًا قبل انقضاء الحول فلا زكاة عندنا، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وداود وغيرهم، وقالَ مالكٌ وأحمد وإسحاق: إذا أتلف بعض النِّصاب قبل الحول أو باعه فرارًا لزمته الزَّكاة. انتهى.
          قلت: وما قالَ القَسْطَلَّانيُّ مِنْ أنَّ الحنفيَّة لا يلومون مَنِ ارتكب هذه الحيلة بخلاف الشَّافعيَّة فإنَّهم يلومون على هذه النِّيَّة؛ ليس كذلك، فنحن أيضًا نلومونه(2)(3). قال صاحب «الفيض»: أمَّا كونُ تِلكَ الحِيل وبالًا ونَكَالًا لصَاحِبها فلا نُنْكِرُه أيضًا، كما نَقَلْنَاهُ عن أَئِمَّتِنَا، وأمَّا أنَّها لا حُكُم لها وإنْ فَعَلَها أَحدٌ ففيهِ نَظَرٌ قَوِيٌّ، فإِنَّ مِنَ النَّاس مَنْ هو فَاعِلُها لا مَحَالَةَ لسوءِ طِبَاعِهِ، فلا بدَّ لَنَا أَنْ نَذْكُرَ لها أَحْكَامًا ثَبَتَت عِنْدَنا مِنْ قَواعِد الشَّرع، مَعَ قَطْعِ النَّظر عن حُكْمِهَا عِنْدَ الله تعالى مِنَ الإِثْمِ أَو غَيْرِهِ. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((الشافعية)).
[2] في (المطبوع): ((نلومه)) وقال في الحاشية: ((في الأصل: ((نلومونه)) وهو خطأ)).
[3] كذا في الأصل.