الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

حديث: إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه

          3500- قوله: (فغَضِبَ مُعَاوِيَة)
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: كان وجه الغضب أنَّه حمل قول عبد الله بن عمرو على أنَّه يكون خليفة حقٍّ، وليس المراد في الحديث ذلك، بل المراد أنَّه يتغلَّب، والحاصل أنَّ أحد الصَّحابيَّين أخطأ فيه، فإمَّا أنَّ يكون مراد عبد الله أنَّه سيكون عن قريب أو أنَّه يكون خليفة حقٍّ، وهما غير صحيحين لأنَّه يكون متغلِّبًا، ويكون في آخر الزَّمان، أو يكون الرَّاوي أصاب في فهم ما رُوي إلَّا أنَّ معاوية ☺ فَهم منه خلاف ما قَصد، فغضب لذلك، والله أعلم. انتهى.
          وفي «هامشه» قال الحافظ: في إنكار معاوية ذلك نظرٌ، لأنَّ الحديث الَّذِي استدلَّ به مقيَّد بإقامة الدِّين، فيُحتمل أن يكون خروج القحطانيِّ إذا لم تُقِم قريشٌ أمرَ الدِّين، وقد وُجِدَ ذلك. انتهى.
          وقالَ العلَّامةُ السِّنْديُّ: وإنَّما فعل ذلك(1) ما فعل معاوية لأنَّه ما بلغه ذلك الحديث، واستدلاله بحديث: ((إنَّ هذا الأمر...)) إلى آخره دليل عليه لا له، لأنَّ تقييد ((ما أقاموا الدِّين)) يشعر أنَّ هذا الأمر لا يبقى(2) فيهم حين تَرْكهم مراعاة الدِّين، والله تعالى أعلم. انتهى ملخَّصًا.
          والأوجَهُ عند هذا العبد الضَّعيف في سبب إنكار معاوية أنَّه حمل الحديث على أنَّهم يريدون بمعاونة هذا الحديث إخراج الخلافة مِنْ قريش، ويؤيِّده قول معاوية: إيَّاكم والأمانيَّ.
          وبسط في «هامش اللَّامع» أيضًا أنَّهم اختلفوا في القحطانيِّ هل يكون مِنَ الخلفاء الصَّالحين أم لا؟ فارجع إليه لو شئت.


[1] قوله: ((ذلك)) ليس في (المطبوع).
[2] في (المطبوع): ((يبقِي)).