تحفة الأخباري بترجمة البخاري

مأكله ومشربه

          (وقال أبو جعفر محمَّد بن أبي حاتم عن البخاري قال: و) كانت(1) له قطعة أرض يكريها من رجل كل / سنة بسبعمائة درهم، فكان ذلك المكتري يزرع فيها ما أحب من الربيعي والخريفي، فربما حمل إلى عبد الله البخاري قثاة أو قثاتين؛ لأنَّ أبا عبد الله كان معجبًا بالقثاء النضيج، فكان يؤثره على البطيخ أحيانًا، فكان يهب لهذا الزارع مئة درهم بحمله القثاء إليه أحيانًا.
          وخرَّج الحافظ أبو بكر الخطيب في ((تاريخه)) من طريق أبي بكر بن صابر بن كاتب: سمعت عمر بن حفص الأشقر يقول: كنَّا مع محمَّد بن إسماعيل البخاري بالبصرة نكتب الحديث، ففقدناه أيامًا فطلبناه فوجدناه في بيت وهو عريان، وقد نفذ ما عنده ولم يبق معه شيء، فاجتمعنا وجمعنا له الدراهم حتى اشترينا له ثوبًا وكسوناه، ثمَّ اندفع معنا في كتابة الحديث.
          (وقال أبو جعفر وراق البخاري:) كان أبو عبد الله ربما يأتي عليه النهار فلا يأكل فيه رقاقة، إنَّما كان يأكل أحيانًا لوزتين أو ثلاثًا.(2)
          وبلغنا أنَّ البخاري نفذت نفقته حين رحل إلى آدم بن أبي إياس العسقلاني، فجعل يأكل من نبات الأرض ولا يخبر أحدًا بذلك / وذكر حينئذ حديثًا قاله له محمَّد بن سلام عن عبدة.
          وأخبرنا به أبو إسحاق إبراهيم بن أبي عبد الله المجاور: أخبرنا أحمد بن أبي طالب البناني، عن إبراهيم بن عثمان البغدادي: أخبرنا محمَّد بن عبد الباقي الحاجب وعلي بن عبد الرحمن الطوسي سماعًا قالا: أخبرنا مالك بن أحمد: أخبرنا أحمد بن محمَّد الأهوازي: حدَّثنا إبراهيم_هو ابن عبد الصمد _: حدَّثنا أبو سعيد الأشج: حدَّثنا عَبدة, عن أبي رجاء الجزري، عن فرات بن سلمان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر ☻: قال رسول الله صلعم: «ما صبر أهل بيت على جهد ثلاثًا إلَّا أتاهم الله ╡ برزق »، لفظ الأشج.
          ولفظ ابن سلام شيخ البخاري: «ما من أهل بيت يصبرون ». فلما مضى للبخاري ثلاثة أيام وهو صابر أتاه آتٍ لا يعلم من هو وناوله دنانير في صرة، وقال: أنفق عليك.
          (حدَّثنا بنحو هذه القصة أبو الحسن محمَّد بن القاسم بن إسحاق بن شادان الفارسي الواعظ في كتابه ((تقريع الخلف بما يؤثر من شمائل السلف)) عن أبي داود سليمان بن سلام الأموي: / حدَّثنا محمَّد بن خالد بن الحسن_ويعرف بابن أبي الهيثم _سمعت محمَّد بن يوسف الفربري يقول: قال أبو عبد الله محمَّد بن إسماعيل البخاري: كنت عند آدم ابن أبي إياس بعسقلان، فذهب ما كان معي من النفقة، فكنت أتناول الحشيش ولا أخبر بذلك أحدًا، قال: فطالبتني نفسي_أي: أبث بعض معارفي بقصتي_ فتذكرت ما حدَّثنا محمَّد بن سلام عن عبدة، وذكر باقي القصة.
          تابعه أبو جعفر محمَّد بن أبي حاتم قال: وسمعته _يعني البخاري_ يقول: كنت خرجت إلى آدم بن أبي إياس العسقلاني، فتخلَّفت عني نفقتي، وذكر القصة).


[1] في (ب): وروي أنه كانت.
[2] الفقرة في (ب) مختصرة.