ثلاثيات البخاري من طريق الختلاني

حديث سلمة: كنا جلوسًا عند النبي إذ أتي بجنازة

الحديث السابع:
          قَالَ ☺فِي كِتَابِ الحَوَالَةِ(1): حَدَّثَنَا مَكِّيُّ / ابْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ:
          عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ ☺قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلعم إِذْ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ(2)، فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا. فَقَالَ: «هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟» قَالُوا: لاَ. فَقَالَ: «هَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟» قَالُوا: لا. فَصَلَّىَ عَلَيْهِ. ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَىَ(3)، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ / اللَّهِ، صَلِّ عَلَيْهَا. قَالَ: «هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟» قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟» قَالُوا: ثَلاَثَةَ دَنَانِيرَ. فَصَلَّىَ عَلَيْهَا. ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَةِ، قَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا. قَالَ: «هَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟» قَالُوا: لا. قَالَ: «فَهَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟» قَالُوا: ثَلاَثَةُ دَنَانِيرَإن ثبت_ بالتَّعدُّد. انتهى من فتح الباري للحافظ ابن حجر». '>(4). قَالَ: «صَلُّوا عَلَىَ صَاحِبِكُمْ(5)». قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَعَلَيَّ دَيْنُهُ(6)، فَصَلَّىَ عَلَيْهِ (7). [خ¦2289]


[1] بهامش الأصل: «الحَوالة بفتح الحاء، وقد تُكسر، مشتقة من التحويل أو من الحول، تقول: حال عن العهد إذا انتقل عنه حولًا، وهي عند الفقهاء نقل دَينٍ من ذمَّة إلى ذمَّة، واختلفوا هل هي بيع دَين بِدَين رُخِّص فيه فاستُثنِيَ من النهي عن بيع الدَّين بالدَّين، أو هي استيفاء؟ وقيل هي عقد إرفاق مستقل. ويشترط في صحتها رضى المحيل بلا خلاف، والمحتال عند الأكثر، والمحال عليه عند بعض شذ، ويشترط أيضا تماثل الحقين في الصفات ، وأن يكون في شيء معلوم، ومنهم من خصها بالنقدين ومنعها في الطعام ; لأنه بيع طعام قبل أن يُستوفىَ. اهـ من الحافظ ابن حجر العسقلاني على البخاري ».
[2] بهامش الأصل: «لم أقف على اسم صاحب هذه الجنازة، ولا على الذين بعده، وللحاكم من حديث جابر: مات رجلٌ فغسَّلناه، وكفَّنَّاه، وحنَّطناه، ووضعناه حيث توضع الجنائز عند مقام جبريل، ثم آذنَّا رسولَ الله صلعم. انتهى ابن حجر في الفتح».
[3] بهامش الأصل: «ذُكِرَ في هذا الحديث أحوالٌ ثلاثةٌ وتُرِكَ حالُ رابعٍ، الأول: لم يترك مالًا ولا عليه دَينٌ، والثاني: عليه دَينٌ وله وفاءٌ، والثالث: عليه دَينٌ ولا وفاءَ له، والرابع من لا دَينَ عليه وله مالٌ، وهذا حُكمُه أن يُصلَّى عليه أيضًا، وكأنه لم يُذكر لكونه لم يقع بل لكونه كان كثيرًا».
[4] بهامش الأصل: «في حديث جابر عند الحاكم: ديناران، وأخرجه أبو داود من وجهٍ آخر عن جابر نحوه، وكذا أخرجه الطبراني من حديث أسماء بنت يزيد، ويجمع بينهما بأنهما كانا دينارين وشطرًا، فمن قال: ثلاثة جبر الكسر، ومن قال: [ديناران ألغاه أو كان أصلهما ثلاثةً فَوَفَى قبل موته] دينارًا وبقي عليه ديناران، فمن قال ثلاثةٌ فباعتبار الأصل، ومن قال ديناران فباعتبار ما بقي من الدَّين، والأول أليق، ووقع عند ابن ماجه من حديث أبي قتادة ثمانية عشر درهمًا، وهذا دون دينارين، وفي مختصر المُزَنِيِّ من حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ درهمين، ويجمع _إن ثبت_ بالتَّعدُّد. انتهى من فتح الباري للحافظ ابن حجر».
[5] بهامش الأصل: «قال العلماء: كأنَّ الذي فعله صلعم من ترك الصلاة على من عليه دَين؛ ليحرِّض الناس على قضاء الديون في حياتهم، والتوصل إلى البراءة منها؛ لئلا تفوتهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وهل كانت صلاته على من عليه دَينٌ محرَّمة عليه أو جائزة؟ وجهان، قال النووي: الصوابُ الجزم بجوازه مع وجود الضامن، كما في حديث مسلم، وحكى القرطبيُّ أنه ربما كان يمتنع من الصلاة على من أدان دينًا غير جائز، وأما من استدان لأمر هو جائز فما كان يمتنع، وفيه نظر؛ لأن في حديث الباب ما يدلُّ على التعميم، حيث قال: من توفِّي وعليه دَين، ولو كان الحال مختلفًا لبيَّنه، نعم جاء من حديث ابن عباس: أن النبي صلعم لمَّا امتنع من الصلاة على من عليه دين جاءه جبريل فقال: إنما الظالم في الديون التي حملت في البغي والإسراف ، فأما المتعفف ذو العيال فأنا ضامن له أؤدي عنه ، فصلى عليه النبي صلعم، وقال ابن بطَّال: قوله ◙: من ترك دَينًا فَعَلَيَّ قضاؤه ناسخ لتركه الصلاة على من مات وعليه دَين. وهل كان القضاء واجبًا عليه أم لا؟ وجهان، وقوله: فعليَّ قضاؤه أي: مما يُفيء الله عليه من الغنائم والصدقات. قال: وهكذا يلزم المتولي لأمر المسلمين أن يفعله بمن مات وعليه دين، فإن لم يفعله فالإثم عليه. انتهى من فتح الباري على البخاري للحافظ ابن حجر ببعض اختصار».
[6] بهامش الأصل: «عند بعض الشافعيَّة: من خصائصه ◙ الوفاء بالوعد؛ لحديثٍ ورد فيه»..
[7] بهامش الأصل: «وفي رواية ابن ماجة من حديث أبي قتادة نفسه: فقال: أنا اتكفل به، زاد الحاكم في حديث جابر: فقال: هما عليك وفي مالك والميت منهما بريء (قال: نعم، فصلَّى عليه، فجعل رسول الله صلعم إذا لقي أبا قتادة يقول: ما صنعت الديناران؟ حتى كان آخر ذلك أن قال: قد قضيتُهما يا رسول الله، قال: الآن حين برَّدتَ عليه جلده. وقد وقعت هذه القصة مرة أخرى فروى الدارقطني من حديث عليٍّ: كان رسول الله صلعم إذا أتى بجنازة لم يسأل عن شيء من عمل الرجل، ويسأل عن دَينه، فإن قيل: عليه ديَن كفَّ، وإن قيل: ليس عليه دين صلَّى، فأتي بجنازة، فلما قام ليكبِّر سأل: هل عليه دَينٌ) فقالوا: ديناران، فعدل عنه، فقال عليٌ: هما عليَّ يا رسول الله، وهو بريء منهما، فصلَّى عليه، ثم قال لعليٍّ: جزاك الله خيرًا، وفك الله رهانك. الحديث. انتهى من فتح الباري على البخاري للحافظ ابن حجر. ثم قال: وفي هذا الحديث إشعارٌ بصعوبة أمر الدَّين، وأنَّه لا ينبغي تحمُّلُه إلا من ضرورة. انتهى ».