التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: بينما أنا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب

          3620- 3621- قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه الحَكَمُ بنُ نافعٍ، وأنَّ (شُعَيْبًا): هو ابنُ أبي حمزةَ.
          قوله: (قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ): هو مسيلِمةُ بن حبيب _وقيل: ابنُ ثمامة_ ابن كبير بن حبيب بن الحارث بن عبد الحارث بن هَفَّان بن ذُهل بن الدُّؤَل بن حنيفة، من بني حنيفة، كنيته أبو ثمامة، ولا عَقِبَ له، جمعَ جموعًا كثيرةً من بني حنيفة وغيرِهم من سُفهاء العرب وغَوْغَائهم، وقصد قتالَ الصَّحَابةِ على إثر وفاةِ رسول اللهِ صلعم، فجهَّز إليه الصِّدِّيقُ الجيوشَ وأميرُهم خالدُ بن الوليد، فقاتلوه فظهروا عليه، فقتلوه كافرًا، وذلك في ربيع الأوَّل سنة اثنتي عشرة من الهجرة، قُتِل فيها أربع مئة وخمسون من الصَّحَابة، وقيل: ستُّ مئة؛ وفيهم سبعون من الأنصار ♥، قتله وحشيُّ ابن حرب، وقيل غيره، وقد اشترك جماعةٌ في قتله أذكرهم في (غزوة أُحد) إنْ شاء الله تعالى [خ¦4072]، وقُتِل جماعةٌ من أتباعه.
          لطيفةٌ: يقال: إنَّ مسيلِمةَ أوَّلُ مَن أدخل البيضةَ في القارورة، وأوَّلُ مَن وصل جناح الطائر المقصوص، وكان يدَّعي أنَّ ظبيةً تأتيه من الجبل فيحلب منها، قال رجلٌ مِن بني حنيفة يرثيه:
لَهْفِي عَلَيْكَ أَبَا ثُمَامَةْ                     لَهْفِي عَلَى رُكْنَي شمَامَةْ
كَمْ آيَةٍ لَكَ فِيهِمُ                     كَالشَّمْسِ تَطْلعُ فِي غَمَامَةْ
          حكى ذلك السُّهَيليُّ، وقال: (كَذَبَ، بل كانت آياتُه منكوسةً، يقال: إنَّه تفل في بئرِ قومٍ سألوه ذلك تبرُّكًا؛ فمَلُح ماؤه، ومسح رأس صبيٍّ؛ فقرِعَ قرعًا فاحشًا، ودعا لرجلٍ في ابنين له بالبركة؛ فرجع إلى منزله، فوجد أحدَهما قد سقط في البئر، والآخَر قد أكله الذئب، ومسح على عَينَيْ رجلٍ استشفى بمسحه؛ فابيضَّت عيناه)، انتهى.
          قوله: (وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللهِ فِيكَ): أي: لن تتجاوزَه، كذا في جميع الروايات في «البُخاريِّ» [خ¦4373] [خ¦7461]، وفي «مسلم»: «لن أتعدَّى أمرَ الله فيك»، ورجَّح الوَقَّشيُّ رواية البُخاريِّ، قال: ولعلَّ ما في «مسلم»: ولن تَعَدَّى؛ فزيدت الألف وهمًا، قال القاضي: (الوجهان صحيحان، فمعنى الأوَّل: لن تعدوَ أمرَ الله في خيبتِك فيما أمَّلته من النُّبوَّة، وهلاكِك دون ذلك، أو فيما سبق أمر الله وقضاؤه فيه من شقائه، ومعنى الثاني: لن أعدوَ أنا [أمرَ] الله فيك؛ من أنِّي لا أُجيبك إلى ما طلبتَه ممَّا لا ينبغي لك من الاستخلاف أو من الشركة، ومِن أن أُبلِّغ ما أنزل الله إليَّ، وأدفع أمرك بالشيء الذي هو أحسنُ)، انتهى كلام ابن قرقول.
          قوله: (لَيَعْقِرَنَّكَ اللهُ): أي: ليُهلكنَّك ويقتلنَّك، ومنه الكلب العقور؛ أي: الذي يَقتل الصيدَ، ويكون بمعنى الجارح أيضًا، و(العقر): الجَرح.
          قوله: (لأُرَاكَ): هو بضَمِّ الهمزة؛ أي: لأظنُّك.
          قوله: (فِي يديَّ): هو بتشديد الياء، وهذا ظاهِرٌ، تثنية (يَدٍ).
          قوله: (سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ): (السِّوار): بكسر السين وتضمُّ، وأُسوار؛ بضَمِّ الهمزة؛ ثلاثُ لُغَاتٍ، وفي «المطالع»: (سُوار، وسِوار، وإِسوار؛ بالكسر لا غير)، انتهى، فما أدري هل قوله: (بالكسر) غلطٌ من الناسخ أو لغة ثانية؟ والله أعلم.
          قوله: (فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا): (شأنُهما)؛ بالرفع: فاعل (أهمَّني).
          قوله: (فَأُوحِيَ إِلَيَّ): (أُوحِيَ): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ.
          قوله: (أَنِ انْفُخْهُمَا): (انفخ): بهمزة وصل، فإن ابتدأتَ بها؛ ضممتَها.
          قوله: (يَخْرُجَانِ بَعْدِي): أي: تظهر شوكتهما ومحاربتهما ودعواهما النبوَّةَ، وإلَّا؛ فقد كانا في زمنه.
          قوله: (فَكَانَ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيَّ): (أحدُهما): مَرْفُوعٌ اسم (كان)، و(العنسيَّ): مَنْصُوبٌ الخبر، ويجوز العكس، وكذا (وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ): و(مسيلمةَ): مَنْصُوبٌ، و(الكذَّابَ): صفة له، و(صَاحِبَ): مَنْصُوبٌ أيضًا، ويجوز فيه ما جاء في (أحدُهما العنسيَّ)، وهذا كلُّه ظاهرٌ، وسأذكر الكلام في مسيلمة أيضًا والأسودِ العنسيِّ في (باب وفد بني حنيفة) قُبَيل (قصَّة الأسود العنسيِّ) [خ¦7373] إنْ شاء الله تعالى. /