التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: قام النبي يوم الفطر فصلى فبدأ بالصلاة

          978- 979- قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، العَلَمُ المشهورُ، وتقدَّم بعضُ ترجمتِه [خ¦296].
          قوله: (عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ(1)): تقدَّم مرارًا أنَّه ابن أبي رَباح، مفتي أهل مكَّة، وتقدَّم [خ¦854] أنَّه ليس في الكتب (عطاءٌ عن جابرٍ) غيرُ هذا، وعطاءِ بن يسار مولى ميمونة، روى له عنه أبو داود فقط حديثًا واحدًا، وقد تقدَّم، وباقي الأحاديث كلِّها (عطاءٌ عن جابر): هو ابن أبي رباح.
          قوله: (فَبَدَأَ) وكذا قوله: (يَتَوَكَّأُ): هما مهموزان، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
          قوله: (فَتَخَهَا): هو بالفاء(2)، وبالمُثَنَّاة فوق، وبالخاء المعجَمة، المفتوحات، وهي (الْخَوَاتِيمُ الْعِظَامُ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ)، كذا فسَّره في «البخاريِّ» عبدُ الرَّزَّاق في هذا الباب [خ¦979]، وقوله فيه: (عِظَام)؛ أي: كِبار، وقال غيره: هي خواتيمُ تُلبَس في الرِّجْل، الواحدة (فَتْخة)، بسكون التَّاء، وتُحرَّك، وقال الأصمعيُّ: (هي خواتيمُ لا فُصوصَ لها)، وتُجمَع أيضًا: فِتاخٌ وفَتَخاتٌ، وفي «الجمهرة»: (الفَتْخة: حلقةٌ مِن ذهبٍ أو فضَّة، لا فُصوصَ لها، وربَّما اتُّخِذَ لها فصٌّ كالخاتم).
          قوله: (وَيُذَكِّرُهُنَّ): هو مَرْفوعٌ؛ لأنَّه لم يتقدَّمْه ناصبٌ ولا جازمٌ، وهذا هيِّنٌ.
          قوله: (قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: شَهِدْتُ العِيدَ...) إلى آخره: هذا معطوفٌ على السَّند قبله، وكأنَّه قال فيه البخاريُّ: (حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم بن نصر عن عبد الرَّزَّاق، عن ابن جُرَيج، عن الحسن بن مسلم _هو ابن يَنَّاقَ، و«يَنَّاقُ»: لا ينصرف_ عن طاووس، عن ابن عبَّاس به)، فإيَّاك أن تجعلَه تعليقًا، والله أعلم، وقد تقدَّم(3) له نظراءُ.
          قوله: (ثُمَّ يُخْطَبُ بَعْدُ): (يُخطَب): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و(بعدُ): مضمومٌ مقطوعٌ عن الإضافة.
          قوله: (حِينَ يُجْلِسُ): هو بضمِّ أوَّله، وسكون ثانيه، وبفتح ثانيه، وتشديد ثالثه مكسور، كذا في أصلنا بالقلم، والذي في «الصِّحاح»: (جلَسَ الرجلُ، وأجلَسَه غيرُه)، ولم أرَ فيه التَّشديدَ، لكن قال النَّوويُّ في (العيدين) من «شرح مسلم»: (يُجلِّس؛ بكسر اللَّام المُشدَّدة، أي: يأمرهم بالجلوس) انتهى، والله أعلم.
          قوله: (عَلَى ذَلِكِ): هو بكسر الكاف، خطابٌ لمُؤنَّث، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
          قوله: (فَقَالَتِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ): هذه المرأة لا أعرفها _[وقال بعض حُفَّاظ(4) العصر: (يحتمل أن تكون أسماء بنت يزيد بن السَّكن خطيبة النِّساء، فهي التي قالت في شيءٍ من هذه القصَّة: «وكيف تَكفُرْنَ؟»، أخرجه الطَّبرانيُّ والبيهقيُّ من حديثها) انتهى](5)_ وكذا في الرِّواية: (لَا يَدْرِي حَسَنٌ مَنْ هِيَ)، و(حَسَنٌ): هو ابن مسلم بن يَنَّاق الذي ذكره أعلاه، وقوله: (حسنٌ) هو الصَّواب، ووقع في «مسلم» (حينئذٍ) عوض (حسن)، كذا في جميع النُّسخ، قال القاضي وغيره: (وهو تصحيف، وصوابه: «حسن»)، وقال الشيخ محيي الدين النَّوويُّ: (قلت: ويحتمل تصحيح «حينئذٍ»، ويكون معناه: لكثرة النِّساء واشتمالهنَّ بثيابهنَّ لا يدري مَن هي؟)، والله أعلم.
          قوله: (هَلُمَّ): اعلم أنَّ (هَلُمَّ) يستوي فيه الواحدُ والجمعُ والتَّأنيث والتَّذكير في لغة أهل الحجاز، وأهل نَجْدٍ يُصرِّفونها، والأوَّل أفصح، وهي لغة القرآن، وهو الذي جاء هنا.
          قوله: (لَكُنَّ): هو بضمِّ الكاف، وتشديد النُّون، وهذا ظاهرٌ.
          قوله: (فِدَاءًٌ أَبِي وَأُمِّي): مَرْفوعٌ منوَّن، ومنصوبٌ مثله، قال الأصمعيُّ: (الفِداء: يُمدُّ ويُقصَرُ)، وأمَّا المصدر من «فاديت»؛ فمَمْدودٌ لا غير، والفاء في كلِّ ذلك مكسورةٌ، وحكى الفرَّاء: (فَدًى لك)، مقصورٌ وممدودٌ ومفتوحٌ، و(فَدَاكَ أبي وأمِّي)، فعل ماضٍ مفتوحُ الأوَّل، ويكون اسمًا على ما حكاه الفرَّاء.
          تنبيهٌ هو فائدةٌ: فقهُ هذا الحديث أنَّه جائز هذا الكلام لمَن كان أبواه غيرَ مُؤمِنَين، وأمَّا مَن كان أبواه مُؤمِنَين، فلا يجوز؛ لأنَّه كالعقوق لهما، قال السُّهيليُّ: (سمعت شيخنا أبا بكر يقول في هذه المسألة)؛ يعني به: ابن العربيِّ المالكيَّ القاضي، وما ذكره فيه نظرٌ؛ لأنَّه سُمِع من كلامِ غيرِ واحدٍ مِن المُتقدِّمين ممَّن أبواه مؤمنان، ومِن ذلك قولُ الصِّدِّيق للنَّبيِّ صلعم بحضرته(6): (فَدَيناكَ بآبائنا وأمَّهاتنا)، وهذا الكلام قاله الصِّدِّيقُ(7) له ╕ حين صعِد المنبرَ في آخر حياته، وكان إذ ذاك أبو قحافة قد أسلم؛ لأنَّه أسلم في الفتح، وأمُّ أبي بكر صحابيَّة مسلمة قبل ذلك بزمنٍ كثير، ومنه قولُ عائشةَ في «مسلم» في (الصَّلاة): (فإذا هو راكعٌ أو ساجدٌ يقول: «سبحانك وبحمدك لا إله إلَّا أنت»، فقلت: بأبي [أنت] وأمِّي، إنِّي لفي شأن وإنَّك لفي آخرَ)، وقد لا يَمْنَعُ هذه المسألة القاضي أبو بكر؛ لأنَّه مَن(8) فَدَى النَّبيَّ صلعم بأبويه؛ فليس بعاقٍّ؛ لأنَّ كلَّ أحدٍ يجب عليه أن يفدي مُهْجتَه بمُهْجتِه، وإنَّما الكلامُ في غيره، والله أعلم، قال النَّوويُّ في «شرح مسلم» في (كتاب الإيمان) _بكسر الهمزة_: (وفيه جوازُ قولِ الرَّجل للآخَرِ: بأبي أنت وأمِّي، قال القاضي عياض: وقد كرهه بعض السَّلف وقال: «لا يُفدَى بمسلمٍ»، قال القاضي عياض: والأحاديث الصَّحيحة تدلُّ على جوازه، سواء كان المُفدَى به مسلمًا أو كافرًا، حيًّا كان أو ميِّتًا).
          قوله: (الْفَتَخُ): تقدَّم الكلام عليه أعلاه(9) [خ¦978].


[1] (عن جابر): ليس في (ب).
[2] في (ب) و(ج): (بفتح الفاء).
[3] في (ج): (قدَّمتُ).
[4] (حُفَّاظ): سقط من (ج).
[5] ما بين معقوفين سقط من (ج)، «هُدَى الساري» (ص281▒، وقال في «الفتح» ░2/542▒: (ولم أقف على تسمية هذه المرأة، إلَّا أنَّه يختلج في خاطري أنَّها أسماء بنت يزيد)، ثمَّ ساق شاهده الذي أخرجه الطبرانيُّ والبيهقيُّ.
[6] (بحضرته): ليس في (ج).
[7] (الصِّدِّيق): ليس في (ج).
[8] في (ج): (قد).
[9] (أعلاه): سقط من (ب).