تعليقة على صحيح البخاري

كتاب الخمس

          ░░57▒▒ (كِتَاب الْخُمُسِ).
          ░1▒ (بابُ فَرْضِ الْخُمُسِ).
          أوَّل يوم جعل الخمس فيئًا(1) ؛ لقول عليٍّ ☺: (أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الْخُمُسِ)، وقيل: جعل الخمس في حكم سعد يوم النَّضير، وقيل: يوم حنين، وهو الأشهر، وذكر ابن إسحاق أنَّه ╕ بعث عبد الله بن جحش في رجب في السَّنة الثَّانية من الهجرة قبل بدر الأولى في سريَّة إلى نخلة بين مكَّة والطَّائف، فوجد بها قريشًا، فقتلوهم وأخذوا العير، قال لأصحابه: إنَّ لرسول الله صلعم ممَّا غنمنا الخمسَ، وذلك قبل أن يفرض الله الخمس من المغانم، فعزل لرسول الله صلعم خمس العير، وقسَّم سائرها بين أصحابه، ثم خرج رسول الله صلعم في رمضان بعد هذه السَّريَّة إلى بدر، فقتل بها صناديد الكفَّار، فبان بهذا الخبر معنى قول عليٍّ: أعطاني شارفًا من الخمس من نصبيه من المغنم يوم بدرٍ، كان أعطاه قبل ذلك شارفًا من الخمس من سريَّة عبد الله بن جحش، واختلف العلماء في الخمس كيف يقسِّمه الإمام على ثلاثة أقوال؛ مالك: يسلك بالخمس مسلك الفيء، فإن رأى الإمام حبس ذلك لنوائب المسلمين؛ فعل، وإن شاء؛ قسَّمه وأعطى كلَّ واحدٍ على قدر ما يغنيه، ولا بأس أن يُعطى منه أقرباء رسول الله صلعم على قدر اجتهاد الإمام، وقال أبو حنيفة: الخمس على ثلاثة أقسام(2) أسهم، يقسم سهم لليتامى والمساكين وابن السَّبيل، ويؤخذ سهم ذوي القربى وسهم رسول الله صلعم ، فيُردَّان في الكراع والسِّلاح، وقال بعضهم: سهم رسول الله صلعم.
          فائدة: وجه هجران فاطمة الصِّدِّيق قولُه ╕: «لا نُورَث، ما تركنا(3) صدقة»، أنفت أن تكون لا ترث أباها، فانقادت وسلَّمت للحديث، وإنَّما كان هجرانها له انقباضها عن لقائه وترك مواصلته، وليس هذا من الهجران المحرَّم؛ لأنَّ المحرَّم إذا التقيا؛ لا يسلِّم أحدهما على صاحبه، وتكون النُّفوس مضمرة بالعداوة والهجران، وإنَّما هم كما وصفهم الله تعالى: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح:29] ، وفيه: مجيء العبَّاس وعليٍّ إلى الصِّدِّيق يطلبان / الميراث، فقال لهما: «لا نورث؛ ما تركنا صدقة»، فسلَّما وانقادا، ثمَّ جاءا(4) بعد ذلك إلى عمر على اتِّفاق منهما يطلبان(5) النَّظر أن يولِّيهما العمل والنظر فيما أفاء الله على رسوله من بني النَّضير خاصَّة، فدفعه عمر إليهما على الإشاعة بينهما والتَّساوي والاشتراك في النَّظر والأجرة، فيه: جواز ادِّخار الرَّجل لنفسه وأهله قوت سنة، وأنَّ ذلك فعله الشَّارع.


[1] في النسختين: (فيء).
[2] (أقسام) ليس في (أ).
[3] في (ب): (تركناه).
[4] في النسختين: (جاء).
[5] في النسختين: (يطلبا).