تغليق التعليق

باب قول الله تعالى: {وأمرهم شورى بينهم}

          ░28▒ قولُهُ في باب قول الله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشّورى:38] .
          وشاور النَّبيُّ صلعم أصحابه يوم أحدٍ في المقام والخروج، فرؤوا له الخروج، فلما لبس لَأْمَتَهُ وعزم؛ قالوا: أقم، فلم يمل إليهم بعد العزم، وقال: «لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ يَلْبِسُ لَأْمَتَهُ، فَيَضَعُهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللهْ»، وشاور عليًّا وأُسامة، فيما رمى [به] أهل الإفك عائشة، فسمع منهما حتَّى نزل القرآن، فجلد الرَّامين.
          أمَّا قصَّة المشاورة يوم أُحُدٍ، فرويناها من طريق ابن عبَّاس، ومن طريق جابر.
          أمَّا حديث ابن عبَّاس؛ فرواه الحاكم في «المستدرك» قال: حدَّثنا أبو العبَّاس محمَّد بن يعقوب: حدَّثنا محمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم: حدَّثنا ابن وهب.
          وقال الطَّبرانيُّ: فيما أخبرنا أحمد بن بلغاق عن إسحاق بن يحيى: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ: أخبرنا محمَّد بن أبي زيد: أخبرنا محمود بن إسماعيل: أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه.
          (ح): وقرأتُ على فاطمة بنت المنجى عن سليمان بن حمزة: أنَّ الضِّياء محمَّد بن عبد الواحد الحافظ أخبرهم في «المختارة»: أخبرنا أبو جعفر الصيدلانيُّ وفاطمة بنت سعد الخير: أنَّ فاطمة بنت عبد الله [بن] الجوزدانيَّة أخبرتهم: أخبرنا أبو بكر بن ريذة؛ قالا: أخبرنا سليمان بن أحمد: حدَّثنا أحمد بن عبد الوهَّاب بن نجدة: حدَّثنا يحيى بن صالح.
           (ح) : وحدَّثنا روح بن الفرج: حدَّثنا يوسف بن عديٍّ قالوا: حدَّثنا ابن أبي الزِّناد عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله(1) بن عتبة، عن ابن عبَّاس قال: تنقَّل رسول الله صلعم سيفه ذا الفقَّار يوم بدر، قال ابن عبَّاس: وهو الذي رأى فيه الرُّؤيا يوم أحد، وذلك أنَّ رسولَ الله صلعم لما جاءه المشركون يوم أحد؛ كان رأي رسول الله صلعم أن يقيم بالمدينة يقاتلهم(2) فيها، فقال له ناسٌ _لم يكونوا شهدوا بدرًا_: تخرج بنا يا رسول الله إليهم فقاتلهم بأحدٍ، ونرجو أن نصيب من الفضيلة ما أصاب أهل بدرٍ، فما زالوا برسول الله صلعم حتَّى لبس أداته، فلما لبسها؛ ندموا وقالوا: يا رسول الله؛ أقم فالرأي رأيك، فقال رسول الله صلعم: «مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَضَعَ أَدَاتَهُ بَعْدَ أَنْ لَبِسَهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدوِّهِ» قال: وكان رسول صلعم قال لهم يومئذٍ قبل أن يلبس الأداة: «إِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ، فَأَوَّلْتُهَا: المَدِينَةَ، وَأَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا، فَأَوَّلْتُهُ: كَبْشَ الكَتِيبَةِ، وَرَأَيْتُ أَنَّ سَيْفِي ذَا الفِقَارِ فُلَّ، فَأَوَّلْتُهُ: فَلًّا فِيكُمْ، وَرَأَيْتُ بَقَرًا يُذْبَحُ، فَبَقَرٌ، وَاللهِ خَيْرٌ، فَبَقَرٌ وَاللهِ خَيْرٌ» قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.
          قلت: وهو كما قال، فقد روى النَّسائيُّ وابن ماجه وأبو بكر البزَّار بعضه.
          ورواه أحمد ابن حنبل بتمامه عن سريج بن النُّعمان(3) ، عن ابن أبي الزِّناد.
          وأمَّا حديث جابر؛ فقال الإمام أحمد في (مسند جابر) من «مسنده»: حدَّثنا عفَّان: حدَّثنا حمَّاد بن سلمة: أخبرنا أبو الزُّبير.
          (ح): قال: وحدَّثنا عبد الصَّمد: حدَّثنا حمَّاد عن أبي الزُّبير: حدَّثنا جابر: أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «رَأَيتْ ُكَأَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ، وَرَأَيْتُ بَقَرًا تُنْحَرُ، فَأَوَّلْتُ أَنَّ الدِّرْعَ الحَصِينَةَ المَدِينَةُ، وَأَنَّ البَقَرَ بَقَرٌ، وَاللهِ خَيْرٌ» قال: فقال لأصحابه: «لَوْ أَنَّا أَقَمْنَا بِالمَدِينَةِ، فَإِنْ دَخَلُوا عَلَيْنا فِيهَا؛ قَاتَلْنَاهُمْ»، فقالوا: والله يا رسول الله؛ ما دُخِلَ علينا فيها في الجاهلية، فكيف يُدْخَلُ علينا فيها في الإسلام؟ فقال: «شَأْنُكُمْ إِذًا»، فلبس لَأْمَتَه قال: فقالت الأنصار: رددنا على رسول الله صلعم رأيه، فجاؤوا فقالوا: يا نبيَّ الله؛ شأنك إذًا فأقمْ، فقال: «إِنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لِأْمَتَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ».
          رواه الدَّارميُّ وابن الجارود والنَّسائيُّ من حديث حمَّاد بن سلمة، وإسناده صحيح، ولم أجده بتمامه إلَّا من الطَّريق التي سقتها.
          وأمَّا حديث الإفك؛ فقد أسنده المؤلِّف في (المغازي) وغيره، وفي هذا الباب مختصرًا من حديث الزُّهريِّ.
          وقال بعده: وقال أبو أسامة عن هشام؛ يعني: عن عروة.
          وقد تقدَّم الكلام على حديث أبي أسامة في (التفسير) وليس في شيءٍ من طُرق هذا الحديث عنده ذكرُ جلد الرَّامين لعائشة.
          وقد وقع فيما أخبرنا عبد الله بن عمر: أخبرنا أحمد بن محمَّد: أخبرنا عبد اللَّطيف بن عبد المنعم [: أخبرنا عبد الله بن أحمد] : أخبرنا هبة الله بن محمَّد: أخبرنا الحسن بن عليٍّ: أخبرنا أحمد بن جعفر: حدَّثنا عبد الله بن أحمد: حدَّثني أبي: حدَّثنا محمَّد بن أبي عديٍّ عن محمَّد بن إسحاق.
          (ح): وأنبأنا به عاليًا إبراهيم بن أحمد شفاهًا، عن أحمد بن أبي طالب، عن محمَّد بن عبد الواحد: أنَّ المبارك بن أحمد بن بركة كتب إليهم: أخبرنا أبو الغنائم بن المُنْتَاب: أخبرنا أبو محمَّد بن البَيِّع: حدَّثنا الحسين بن إسماعيل المحامليُّ: أخبرنا أبو موسى محمَّد بن المثنَّى: حدَّثنا ابن أبي عديٍّ عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة، قالت: لما نزلت براءَتي قام رسول الله صلعم على المنبر، فدعا بهم وحدَّهم، لفظ أحمد.
          وقال أبو موسى: فذكر ذلك، وتلا القرآن فلما؛ نزلَ؛ أَمَرَ برجلين وامرأةٍ، فضُربوا حَدَّهُمْ.
          رواه أصحاب السُّنن الأربعة من حديث ابن أبي عديٍّ عن محمَّد بن إسحاق به.
          وقال التِّرمذيُّ: حسن غريب لا نعرفه إلَّا من حديث ابن اسحاق.
          ورواه البيهقيُّ من طريق ابن اسحاق، وصرَّح في روايته بسماع ابن اسحاق من عبد الله بن أبي بكر.
          وقال أبو داود أيضًا: حدَّثنا النفيليُّ: حدَّثنا محمَّد بن سلمة عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة؛ فذكره ولم يذكر عائشة، وفيه: فأمر برجلين وأمرأة، ممَّن تكلَّم بالفاحشة: حسَّان بن ثابت، ومسطح بن أَثَاثة قال النفيليُّ: والمرأة يقولون: حمنة بنت جحش. /
          قولُهُ فيه: ولم يلتفت النَّبيُّ صلعم إلى تنازعهم، ولكن حكم بما أمره الله.
          هذا بقيَّة من كلامه، أشار بها إلى القصَّتين جميعًا في أُحُدٍ، وفي الإفك، والله أعلم.
          قولُهُ فيه: ورأى أبو بكر قتال من منع الزَّكاة...؛ الحديث.
          أسنده في (الاعتصام) وغيره، وقد تقدَّم.
          قولُهُ فيه: قال النَّبيُّ صلعم: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ؛ فَاقْتُلُوهُ».
          هذا طرف من حديث عكرمة قال: بلغ ابنَ عبَّاس أنَّ عليًّا حرق قومًا، فقال، فذكر قصَّةً فيها؛ لأنَ رسول الله صلعم قال: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ؛ فَاقْتُلُوهُ».
          وقد أسنده المؤلِّف في (الجهاد) وغيره من طريقه.
          قولُهُ فيه: وكان القُرَّاءُ أصحاب مشورة عمر، كهولًا كانوا أو شبَّانًا، وكان وقَّافًا عند كتاب الله ╡.
          أسنده في تفسير (سورة الأعراف) من حديث ابن عبَّاس في قصَّة الحرِّ بن قيس.
          قولُهُ فيه: قال أبو أسامة عن هشام _يعني: بن عروة_ عن عائشة في قصَّة الإفك، تقدَّمت الإشارة إليه قبل.


[1] (ابن عبد الله): ليس في المطبوع.
[2] في المخطوط: (يقاتلها).
[3] في الأصل: (البقال).