تغليق التعليق

باب حمل صاحب الدابة غيره بين يديه

          ░100▒ قولُهُ: باب حمل صاحب الدَّابَّة غيره بين يديه.
          وقال بعضهم: صاحب الدَّابَّة أحقُّ بصدر الدَّابَّة إلَّا أن يأذن له، انتهى.
          هذا المُبهم يُحتمل أن يُفسَّر بالنُّعمان بن بشير، فقد جاء ذلك عنه في حديث أنبأنا به أحمد بن أبي بكر مُكاتبةً: أنَّ التَّقيَّ سليمان بن حمزة المقدسيَّ، أخبرهم سماعًا عليه، عن الحسن بن عليِّ بن السيِّد: أخبرنا الحافظ أبو الفضل بن ناصر: أخبرنا أبو طاهر بن أبي الصَّقر: أخبرنا أبو البركات بن نظيف: أخبرنا أبو محمَّد بن رشيق: أخبرنا أبو بشر الدولابيُّ: حدَّثنا أبو جعفر محمَّد بن عوف بن سفيان الطَّائيُّ الحمصيُّ.
          (ح): قال شيخنا: وأخبرنا به _عاليًا_ محمَّد بن عليِّ بن ساعد الحلبيُّ في كتابه من مصر: أنَّ يوسف بن خليل الحافظ أخبرهم بحلب: أخبرنا محمَّد بن أبي زيد بأصبهان: أخبرنا محمود بن إسماعيل: أخبرنا أحمد بن فاذشاه: حدَّثنا سليمان بن أحمد بن أيُّوب الطَّبرانيُّ: حدَّثنا محمَّد بن عبدوس بن جرير الصُّوريُّ قالا: حدَّثنا موسى بن أيُّوب: حدَّثنا محمَّد بن شعيب بن شابور، عن صدقة مولى عبد الرَّحمن بن الوليد، عن محمَّد بن عليِّ بن الحسين قال: خرجت مع جدِّي حسين إلى أرضٍ له بالزَّرانيق بظهر البيداء، فَأَدْرَكَنَا ابنُ النُّعمان بن بشير على بغلةٍ فنزل عنها، وقال للحسين: اركب يا أبا عبد الله، فأبى، فلم يزل يقسم عليه حتَّى قال: أما إنَّك قد كلَّفتني ما أكره، ولكن سأُحدِّثك حديثًا حَدَّثَتْنِيهِ أمِّي فاطمة: أنَّ رسولَ الله صلعم قال: «الرَّجُلُ أَحَقُّ بِصَدْرِ دَابَّتِهِ، وَصَدْرِ فِرِاشِهِ، وَالصَّلَاةِ فِي بَيْتِهِ»، فقال ابن النُّعمان: صدقت فاطمة، حدَّثني أبي _وهو ذا حيٌّ بالمدينة_ عن رسول الله صلعم بهذا الحديث، وزاد فيه: أنَّ رسولَ الله صلعم قال فيه: «إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ»، لفظ سليمان(1) ، قال الطَّبرانيُّ: اسم ابن النُّعمان هذا يزيد.
          قلتُ: وفي صحَّة هذا الحديث نظرٌ، فإنَّ صدقة فيه ضعف، ومحمَّد بن عليِّ بن الحسين يصغر عن إدراك جدِّه في سنِّ مَنْ تميَّز هذا التَّمييز(2) ، وقد ذكروا أنَّ روايته عن أمِّ سلمة مُرسلةٌ، وهي عاشت بعد الحسين على الصَّحيح، لكن قد يضبط المرءُ من حديث أبيه وجدِّه ما لا يضبط عن غيرهم.
          ولم ينفرد صدقة بهذا، فقد روى هذا الحديث الحكم بن عبد الله / الأيليُّ: أنَّه سمع محمَّد بن عليِّ بن حسين(3) يقول: خرج الحسين وأنا معه...؛ فذكر نحوه، لكن جعل الذي التقى الحسين هو النُّعمان نفسه، وجعل الحديث عن أبيه بشير.
          أخرجه الطَّبرانيُّ أيضًا، والرِّواية الأولى أقرب إلى الصَّواب.
          وفي الباب حديث آخرٌ صحيحٌ، قرأته على أمِّ الحسن التنوخيَّة، عن سليمان بن حمزة: أنِّ الحافظ الضِّياء أخبرهم: أخبرنا أبو زُرعة اللفتوانيُّ: أخبرنا الحسين بن عبد الملك: أخبرنا عبد الرَّحمن بن الحسن: أخبرنا جعفر بن عبد الله: أخبرنا أبو بكر محمَّد بن هارون الرُّويانيُّ: حدَّثنا محمَّد بن إسحاق _هو الصَّغانيُّ_ ومحمَّد بن إسماعيل _هو البخاريُّ_ فرَّقَهما؛ قالا: حدَّثنا عليُّ بن الحسن بن شقيق: حدَّثنا الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، عن النَّبيِّ صلعم قال: «الرَّجُلُ أَحَقُّ بِصَدْرِ دَابَّتِهِ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَكَ ذَاكَ»، لفظ محمَّد بن إسحاق، وحديث البخاريِّ أتمُّ.
          وقال الإمام أحمد في «مسنده»: حدَّثنا زيد بن الحُباب: حدَّثنا حسين بن واقدٍ.
          (ح): وقال ابن حبَّان في «صحيحه»: حدَّثنا أحمد بن مكرم: حدَّثنا عليُّ ابن المدينيِّ: حدَّثنا زيد بن الحُباب: أخبرني الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: بينا رسول الله صلعم يمشي؛ إذ جاءه رجلٌ معه حمار، فقال: يا رسول الله؛ اركب، فتأخَّر الرَّجل، فقال رسول الله صلعم: «لَا، أَنْتَ أَحَقُّ بِصَدْرِ دَابَّتِكَ مِنِّي إَلَّا أَنْ تَجْعَلَهُ لِي» قال: قد جعلته لك، قال: «فَرَكِبَ»، لفظ أحمد.
          ورواه الحاكم في «المستدرك»: من حديث عليِّ بن الحسن بن شقيق.
          وقرأت على عبد الله بن محمَّد بن عبيد الله، عن أيُّوب بن نعمة: أنَّ محمَّد بن عبد الله المرسيَّ أخبره: أخبرنا منصور بن عبد المنعم: أخبرنا عبد الجبَّار بن محمَّد: أخبرنا أحمد بن الحسين: أخبرنا محمَّد بن الحسن العلويُّ: أخبرنا عبد الله بن محمَّد بن الشَّرقيِّ: حدَّثنا عبد الرَّحمن بن بشر بن الحكم: حدَّثني عليُّ بن الحسين بن واقد: حدَّثني أبي: حدَّثني عبد الله بن بريدة: سمعت أبي بريدة قال: بينما رسول الله صلعم يمشي؛ إذ(4) جاءه رجل معه حمار...؛ فذكر مثله إلَّا أنَّه قال بعد قوله: «منِّي»: «تَرَى أَنْ تَجْعَلَهُ لِي» قال: فإنِّي قد جعلته لك.
          رواه أبو داود والتِّرمذيُّ من حديث عليِّ بن الحسين بن واقد، فوقع لنا بدلًا عاليًا.
          قلتُ: وهذا الرَّجل هو معاذ بن جبل، بيَّنه حبيب بن الشَّهيد، عن عبد الله بن بريدة، لكنه أرسل الحديث.
          قال ابن أبي شيبة في «مصنَّفه»: حدَّثنا معاذ بن معاذ: حدَّثنا حبيب بن الشَّهيد، عن عبد الله بن بريدة: أنَّ معاذ بن جبل أتى النَّبيَّ صلعم بدابَّةٍ ليركبها، فقال رسول الله صلعم: «رَبُّ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِصَدْرِهَا» قال: فقال معاذ: فهي لك يا رسول الله، [قال] : فركب النَّبيُّ صلعم وأردف معاذًا.
          رجاله ثقات.
          وقال الطَّبرانيُّ في «الكبير» بالإسناد المتقدِّم إليه آنفًا: حدَّثنا حَبُّوشُ بن رزق الله المصريُّ: حدَّثنا عمرو بن الرَّبيع بن طارق: أنبأنا(5) ابن لهيعة عن(6) عبد العزيز بن عبد الملك، عن عبد الرَّحمن بن أبي أميَّة: أنَّ حبيب بن مسلمة أتى قيس بن سعد بن عبادة وهو على فرسٍ له، فتأخَّر له حبيب عن السَّرج، فقال: اركب، فأبى قيس، وقال إنِّي سمعت رسول الله صلعم يقول: «صَاحِبُ الدَّابَةِ أَحَقُّ بِصَدْرِهَا»، فقال حبيب: إنِّي لست أجهل ما قال رسول الله صلعم، ولكنِّي(7) أخافُ عليكَ.
          وقرأت على فاطمة بنت عبد الهادي، عن محمَّد بن عبد الحميد: أنَّ إسماعيل بن عمرو أخبرهم عن فاطمة بنت سعد الخير سماعًا: أنَّ محمَّد بن عبد الله أخبرهم: أخبرنا سليمان بن أحمد: حدَّثنا هارون بن مَلُّول: حدَّثنا أبو عبد الرَّحمن المقرئُ عن عبد العزيز بن عبد الملك بن مُلَيْلِ...؛ فذكره.
          وقال عبد الله بن أحمد في «زيادات الزُّهد» لأبيه: حدَّثنا الحسن بن عبد العزيز المصريُّ: حدَّثنا يحيى بن حسَّان: حدَّثنا قريش بن حيَّان، عن مالك بن دينار قال: جاءني جابر بن زيدٍ فقال: رَبُّ الفِرَاشِ أحقُّ بفراشه، وربُّ الدَّابَّة أحقُّ بصدر دابَّته.
          وفي الباب عن قيس بن سعد أيضًا، وأبي سعيد الخُدريِّ، وعبد الله بن حنظلة، وعبد الله بن يزيد الخطميِّ، وجابر بن عبد الله، وأنس.
          ورويناه مرسلًا أو معضلًا، عن كثير بن فرقد، عن النَّبيِّ صلعم، فحديث قيس بن سعد في «مسند أحمد»، وحديث أبي سعيد في «مسندي مسدَّد وابن أبي شيبة»، وحديث عبد الله بن حنظلة في «المعجم الأوسط، وحديث عبد الله بن بريد في «مسند أحمد»، وحديث جابر في «تاريخ ابن أبي خيثمة»، وحديث أنس في «السُّنن الكبير» للبيهقيِّ، وحديث كثير بن فرقد في «جامع ابن وهب».
          ورويناه موقوفًا عن عبد الله بن مسعود، وعن الشَّعبيِّ وإبراهيم النَّخعيِّ؛ أسنده عنهم ابن أبي شيبة في «مصنَّفه»، وتركت تخريج أسانيدها تخفيفًا؛ إذ ليس من غرض كتابنا هذا، والله الموفِّق.


[1] في المطبوع: (المؤدِّب).
[2] في المطبوع: (التَّميُّز).
[3] في المطبوع: (الحسين).
[4] في المطبوع: (إذا).
[5] في المطبوع: (أخبرنا).
[6] في المطبوع: (بن).
[7] في المطبوع: (ولكن).