التعديل والتجريح

المقدمة

          ♫
          صلى اللهُ على سيدنا محمدٍ وآله وصحبهِ وسلِّم
          الحمدُ لله ذي الأسماءِ الحسنى والصفاتِ العُلى، وصلى الله على نبيِّهِ محمدٍ المصطفى وعلى آلهِ وسلم تسليمًا.
          أمَّا بعدُ:
          فإنَّكَ سألتني أنْ أصنِّفَ لك كتابًا آتي فيه بأسماءِ من روى عنهُ محمد بن إسماعيلَ البخاريِّ في «صحيحه» من شيوخه ومن تقدَّمهم إلى الصحابةِ ♥ ، وأُثبتُ فيه ما صحَّ عندي من كُناهم وأسمائهم، وما ذكره العلماءُ من أحوالهم، ليكونَ مدخلًا للنَّاظر في هذا العلم إلى معرفةِ أهل العلمِ والعدل من غيرهم، وسَببًا إلى معرفةِ كثيرٍ من الرُّواة والوقوفِ على طرفٍ من أخبارهم.
           فأجبتُكَ إلى ذلكَ لما رجوتُ فيه من جزيلِ الثَّوابِ، وتحرَّيْتُ الصَّوابَ جَهْدِي، واستنفدتُ في طلبِهِ وسعيِّ، واللهَ أسألُ أن يُوفِّقنا له وينفعنا بهِ ويُعينَ النَّاظرَ فيه على حُسنِ مقصده وجميل مذهبه برحمتهِ.
          وأنا إن شاء الله آتي بما شرطتُهُ في أسماءِ الرِّجالِ على حروفِ الهجاءِ بالتَّأليفِ المعتاد في بلدنا، وبالله التوفيق وهو حسبنا ونعمَ الوكيل.
          وأسانيدُ ما ذكرتُ فيه عن «صحيح البخاريِّ» فحدَّثنا به أبو ذرٍّ _قراءةً عليه_ قال: أخبرنا أبو محمد الحَمَوِيُّ وأبو إسحاق المُسْتَمْلِيُّ وأبو الهيثم الكُشْمِيْهَنِيُّ قالوا: أنبأنا محمدُ بن يوسفَ الفِرَبْرِيُّ قال: أنبأنا محمدُ بن إسماعيل البخاريُّ.
          وما ذكرتهُ فيه عن «تاريخِ البخاريِّ» فأخبرنا به أبو ذرٍّ _قراءةً عليه_ قال: أنبأنا زاهرُ بن أحمدَ: أنبأنا أبو محمد زَنْجَوَيْهُ بن محمدٍ: أنبأنا البخاريُّ.
          وما أخرجتُهُ فيه عن مسلم فأخبرنا به أبو ذرٍّ: أنبأنا أبو بكر محمدُ بن عبدِ الله الجوْزَقِيُّ: أنبأنا مكيُّ بن عبدانَ: أنبأنا مسلم.
          وما أخرجته فيه عن عبد الرَّحمن بن أبي حاتِمٍ فأجازهُ لنا أبو ذرٍّ، قال: أجازهُ لنا حَمْدُ الأصبهانيُّ، قال: أجازه لنا عبدُ الرَّحمنِ.
          وما أخرجتهُ فيه عن الكَلاباذيِّ فأخبرناهُ أبو محمَّدِ بن الوليدِ قال: أَنْبَأَنَاهُ عليُّ بن فِهْرٍ عن أبي سعدٍ عمرَ بن محمد السِّجَزِيِّ عن أبي نصرٍ الكَلاباذيِّ، وما كان فيهِ عن أبي عبدِ الله محمدِ بن عبد الله المعروفِ البيِّعِ، فأخبرنا به أبو بكر محمد بن علي المطوعيِّ عنهُ.
          وما كان فيهِ عن ابن عدِيٍّ فأخبرنا به أبو بكرِ بن سَخْتَوَيْهِ، وأبو عبدِ اللهِ محمَّدِ بن عليِّ بن محمود جميعًا عن أبي العبَّاسِ الرَّازِيِّ عن ابن عدِيٍّ.
          وأخبرنا به أبو بكرِ بن سَخْتَوَيْهِ قال: أجازهُ لنا ابنُ عديٍّ.
          وما أخرجتُهُ فيه من تاريخِ أبي حفصٍ الفَلَّاسُ فأخبرنا به أبو القاسم الدِّبْثَائِيُّ(1) عن أبي الحسن بن لُؤلؤ عن أبي بكر بن شَهْرَيَارَ عن أبي حفصٍ.
          وما كان فيهِ من «تاريخِ ابن معينٍ» فأخبرنا به أبو ذرٍّ عن أبي عبدِ(2) الله / البيِّع، عن الأصمِّ محمدِ بن يعقوبَ النَّيسابوريِّ عن عبَّاسِ بن محمَّدٍ عن يحيى بن مَعِيْنٍ.
          وما كان فيهِ من «تاريخِ أبي العبَّاس الأبَّارِ» فأخبرنا به أبو بكرٍ الخطيبُ أحمدُ بن عليِّ بن ثابتٍ، عن أبي الحسين محمدِ بن الحسينِ بن الفضل عن دعلجٍٍ عن أبي العبَّاسِ.
          وأخرجتُ فيه غيرَ ذلك مما وقعَ إليَّ في مُذاكرة أهلِ الحديثِ، وكتبتُهُ عنهم في جملةِ المنثورِ من الحديث وعلى وجهِ الانتقاءِ.
          وما سألتُ عنه الحفَّاظَ وأهلَ العلمِ بهذا الشأن كالشَّيخِ أبي ذرٍّ عبدِ بن أحمدَ الهرويِّ الحافظِ وأبي عبدِ الله محمَّدِ بن عليٍّ الصُّوْرِيِّ الحافظِ وأبي بكرٍ الخطيبِ أحمدَ بن عليِّ بن ثابتٍ الحافظِ، وأبي النَّجيبِ عبدِ الغفَّارِ بن عبدِ الواحدِ بن محمدٍ الأرمويِّ الحافظ وغيرهم.
          وسأُقَدِّمُ بين يدي ذلك أبوابًا ومقدماتٍ تعلمُ بها منهجَ معرفة الجرحِ والتَّعديلِ، فقد رأيتُ كثيرًا ممَّن لا علمَ له بهذا البابِ يعتقد أن هذا من جهةِ التقليدِ، وأنه لا يُدركُ بالنظرِ والاجتهادِ.
          وأذكرُ بعدَ ذلك شيئًا مما يُتوصلُ به إلى معرفةِ الصَّحيحِ من السَّقيمِ، إذ هو المقصودُ بعلمِ الجرحِ والتَّعديلِ، وأذكرُ بعد ذلك نُبْذَةً من نسبِ أبي عبد الله محمدِ بن إسماعيل البخاريِّ وتاريخِ مولده ووفاته وحاله وحفظِهِ وعلمه بالحديثِ، ووصفِ كتابه المذكورِ بما هو عليه، ثم أُتْبِعُ ذلكَ ما قدَّمنا ذكره من ذكر الرواةِ في كتابهِ المذكورِ واللهُ الموفقُ للصَّوابِ.


[1] في المخطوط: «الدمثائي» وفي كتب التراجم وكذلك الإكمال: الدبثائي، وقد أثبت الصواب.
[2] في المخطوط: «عبيد» وهو خطأ.