شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح

حذف الفاء من جواب «أما»

          ░50▒
          ومنها قولُ رسولِ اللهِ(1) صلعم: «أَمَّا بعدُ، مَا بَالُ رِجالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيسَت في كِتَابِ اللهِ». [خ¦2168]
          وقولُه(2) صلعم: «أَمَّا مُوسَىَ، كَأَنِّي أَنظُرُ إِلَيهِ إِذْ يَنْحَدِرُ(3) في الوَادَي» [خ¦1555]، وفي بَعض النُّسَخِ: «إِذَا يَنْحَدِرُ(4)».
          وقولُ عَائِشةَ ♦: (وأمَّا الَّذينَ جَمَعُوا بَينَ الحَجِّ والعُمرةِ طَافُوا طَوَافًا واحِدًا). [خ¦1638]
          وقولُ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ ☻: (أَمَّا رسولُ اللهِ صلعم لم يُوَلِّ يَومَئِذٍ). [خ¦3042]
          قلتُ: (أَمَّا) حَرفٌ قائمٌ مَقَامَ أَدَاةِ الشَّرطِ والفِعلِ الَّذي يَلِيها، فلِذلكَ(5) يُقَدِّرُها النحويُّون بـ: (مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيءٍ).
          وحَقُّ المتَّصِلِ بالمتَّصِلِ بها أَنْ تصحبَه الفاءُ، نحو/: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [فصلت:15]، ولا تُحذَفُ هذه الفاءُ غالِبًا إلَّا في شِعرٍ(6)، أو / مَع قولٍ أَغنَى عنه مَقُولُه، نحو: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم (7)} [آل عمران:106]؛ أَيْ: فيُقَال لهم: أَكَفَرتُم(8).
          ومِن حَذْفِها في الشِّعرِ قولُ الشَّاعرِ:
فأَمَّا القِتَالُ(9) لَا قِتَالَ لَدَيْكُمُ                     ولكنَّ سَيْرًا في عِرَاضِ الكَتَائِبِ(10) /
          أَرادَ: فلا قِتَالَ لَدَيكم، فحَذَفَ الفاءَ؛ لإِقامَةِ الوَزن.
          وقد خُولِفَتِ القاعِدةُ في هذه الأَحاديثِ، فَعُلِمَ بتَحقيقٍ عَدَمُ التَّضْيِيقِ(11)، وأَنَّ(12) مَنْ خَصَّهُ بالشِّعرِ، أو بالصُّورةِ المعَيَّنَةِ من النَّثر، مُقَصِّرٌ في فَتوَاهُ، وعاجِزٌ عن نُصْرَةِ دَعْواهُ. /


[1] في (ظ): (النبيِّ).
[2] في (ب) زيادة: (رسول الله).
[3] بهامش (ظ): (في نسخةٍ: إِذِ انْحَدَرَ)، وهو المثبَت في المطبوع دونَ ذِكر اختلافٍ، وهو موافقٌ لما في اليونينية.
[4] في (ج): (يَتَحَدَّرُ)، وفي (ظ) زيادة: (في الوادي).
[5] تصحَّفت في (ج) إلى: (فكذلك).
[6] في (ظ): (الشِّعر).
[7] في (ظ) زيادة: ({بَعدَ إِيمانِكم}).
[8] في (ظ) زيادة: (بَعدَ إِيمانِكم).
[9] في (ظ): (قِتَالٌ)، وأشار بهامشها إلى ورود المثبَت في نسخةٍ.
[10] بهامش (ب) و(ظ): (في نسخة: المَوَاكِبِ)، وهو المثبَت في (ج) والمطبوع، وهو موافقٌ لما في مصادر تخريج البيت المتقدِّمة كلِّها، وبهامش (ظ): (في نسخةٍ: الكَباكِبِ، وفي نسخةٍ أخرى: المَراكِبِ).
[11] بهامش الأصل بخطٍّ متأخِّر تعليقٌ: (خالَفَ كلامَه هنا في (التسهيل)؛ فجعلَه ضَرورة). ا هـ.
[12] في (ج): (فإنَّ).