شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح

مسألة في إجراء «عدَّ» مجرى «ظنَّ»

          ░45▒
          ومنها قولُ بعضِ الصحابةِ ♥: (جَاءَ جِبْرِيلُ إلى النبيِّ صلعم فَقَال: ما تَعُدُّونَ/ أهلَ بَدْرٍ فيكم؟ قال: «مِنْ أَفْضَلِ المسلِمينَ»). [خ¦3992]
          قلتُ: في هذا الحديثِ شاهدٌ على أَنَّ (عدَّ) قد تُوافِقُ (ظنَّ) في المعنى والعمل؛ فـ: (ما) من قولِه: (ما تعُدُّونَ أهلَ بدرٍ) استفهاميةٌ في موضع نصبٍ، مفعولٌ ثانٍ، و(أهلَ بدرٍ) مفعولٌ أَوَّل، وقُدِّم المفعولُ الثاني لأنَّه مُسْتَفْهَمٌ به، والاستفهامُ له صدرُ الكلام.
          وإجراءُ (عَدَّ) مُجرى (ظنَّ) معنًى وعملاً مِمَّا أَغفلَه أكثرُ النحويين، وهو كثيرٌ في كلام العرب، ومن شواهده قولُ الشاعر:
فلا تَعْدُدِ المولَى شريكَكَ في الغِنىَ                     ولكنَّما المولَى شريكُكَ في العُدْم
          ومثلُه:
لا تَعدُدِ المرءَ خِلًّا قبلَ تَجرِبَةٍ                     فَرُبَّ ذي مَلَقٍ(1) في قَلْبِه إِحَنُ
          ومثلُه:
لا أَعُدُّ الإقْتَارَ عُدْمًا ولكنْ                     فَقْدُ مَنْ قَدْ فَقَدْتُه الإِعدامُ/ /


[1] بهامش (ج): (في نسخة: خُلُقٍ).