شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح

توجيه حديث: تفتنونَ في قبوركم مثلَ أو قريباً من فتنة الدَّجَّال

          ░36▒
          ومنها قولُ النَّبيِّ(1) صلعم: «أُوحيَ إليَّ أنَّكم تُفتنونَ في قُبورِكم مثلَ أَوْ قريباً من فتنةِ الدَّجَّالِ». [خ¦1053]
          ويُروى: «أو قريبَ» [خ¦86] بلا تنوين.
          قال الروايةُ المشهورةُ: (مثلَ أو قريباً)، وأصلُه: مثلَ فتنةِ الدَّجالِ أو قريباً من فتنة الدَّجالِ، فحذف ما كان (مثلٌ)(2) مضافاً إليه، وتُرك هو على الهيئة التي كان عليها قبل الحذف، وجاز الحذف لدلالة ما بعد المحذوف عليه، وصَلَحَ للدلالة(3) من أجل مماثلته له لفظاً ومعنى.
          والمعتادُ في صحةِ هذا الحذفِ أن يكونَ مع إضافتين، كقول الشاعر:
أَمَامَ وخَلْفَ المرءِ(4) مِنْ لُطْفِ رَبِّه                     كَوالئُ تَزْوِي عنهُ ما هُو يَحْذَرُ
          ومن وروده بإضافةٍ واحدةٍ كالوارد في الحديث قولُ الراجز:
مَهْ عاذلي فهائماً لن أبرحَا                     بمثلِ أَوْ(5) أَحسنَ من شمسِ الضُّحَى/ /
          أراد بمثل شمس الضحى، أو أحسن من شمس الضحى.
          والوجه في رواية مَن روى: (أو قريبَ)(6) بلا تنوين أن يكونَ أراد: تُفتنونَ مثلَ فتنةِ الدَّجالِ أو قريبَ الشَبَهِ مِن فتنةِ الدَّجالِ، فحُذِفَ المضافُ إليه(7) (قريبٌ)، وبقي هو على الهيئة التي كان عليها قبل الحذف.
          وهذا الحذف في المتأخر لدلالة المتقدم عليه قليلٌ، وقد تقدمت له نظائرُ جلية ذكرتها عند كلامي على جواب الصاحب الذي قيل له: (كم اعتمر النبي صلعم؟).
          وكالكلام على (مثلَ أو قريباً) بعدَ (تفتنون في قبوركم) الكلامُ على (مثلَ أو قريباً) بعدَ (حتى يكونَ بينه وبينَ الجدارِ) [خ¦506] في حديث دخولِ ابن عمرَ الكعبةَ، إلَّا أنَّ قبل (بينه وبين الجدار) موصولاً حُذِفَ وبقيت صلتُه.
          وقد يُرفَعُ (مثل) أو (قريب) فَيُسْتَغْنَى عن تقدير الموصول. /


[1] في (ج): رسول الله.
[2] في الأصل و(ج): «الروايةُ المشهورةُ (مثلَ أو قريباً من فتنة الدَّجال)، فحذف ما كان (مثلٌ)».
[3] في (ج) و(ظ): (لدلالة)، تحريف.
[4] في (ج): (الربّ).
[5] لفظة: (أو) ليست في (ظ).
[6] في (ب) و(ج): (رواية مَن روى: قريبَ).
[7] زاد في (ظ): (وهو).