شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح

توحيد الاسم المضاف إلى المثنى وتثنيته وجمعه

          ░14▒
          ومنها قولُ أُمِّ عطيةَ ♦: «أُمْرِنَا أَنْ نُخْرِجَ الحُيَّضَ يومَ العيدين». [خ¦351]
          قال: في هذا الحديث توحيدُ (اليوم) المضاف إلى (العيدين)، وهو في المعنى مُثَنًّى، ولو رُوِيَ بلفظ التثنية على الأصل، أو بلفظ الجمع ِلأَمْنِ اللَّبْسِ لجاز.
          ففيه وفي أمثاله ثلاثةُ أوجه:
          فمن الوارد بإفرادٍ ما(1) في حديث الوُضُوء من قول الراوي: «وَمَسَح أُذُنيه ظاهِرَهما وبَاطِنَهما».
          ومنه ما حكى الفرَّاءُ من قول بعض العرب: (أكلتُ رأسَ شاتين).
          ومنه قول الشاعر:/
حَمامَة بَطْنِ الوادِيَيْنِ تَرَنَّمِي                     سَقَاكِ مِنَ الغُرِّ الغوادِي مَطِيرُها /
          ومن الوارد بلفظ التثنية قولُ الشاعر:
فتخالَسَا نَفْسَيْهِما بنوافِذٍ                     كنوافِذِ العُبْطِ التي لا تُرْقَعُ
          ومن الوارد بلفظ الجمع قولُه تعالى: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا} [الأعراف:23]، و {إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم:4].
          وقولُ النبي صلعم: «إزْرَةُ المؤمن إلى أنصافِ ساقيه».
          وقد اجتمعت التثنيةُ والجمعُ في قولِ الرَّاجزِ:
ومَهْمَهَيْنِ قَذَفَيْنِ مَرْتَيْنْ                     ظهراهما مثلُ ظهورِ التُّرْسَيْنْ
          ويَلْحَقُ بهذا توحيدُ خبرِ المثنى المُعَبَّرِ عنه بواحدٍ كالتعبير عن الأذنين والعينين بحاسَّةٍ، فإجراءُ هذا النوع مُجرى الواحد جائزٌ، كقوله صلعم: «مِنْ / أَفْرَى الفِرَى أَنْ يُرِيَ عَيْنَيْه ما لم تَرَ» [خ¦7043]، ولو راعَى اللَّفظ لقالَ: ما لم تَرَيَا.
          ومثلُ الحديث قولُ الشاعرِ:/
وكأنَّ في العينين حَبَّ قَرَنْفُلٍ                     أَوْ سُنْبُلاً كُحِلَتْ به فانْهَلَّتِ /


[1] في (ج) زيادة: (جاء).