شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح

الابتداء بالنكرة

          ░9▒
          ومنها وُقُوعُ المبتدأ نكرةً مَحْضَةً بعد (إذا) المفاجأة، وبعد واو الحال، كقول بعض الصحابة(1) ♥: (إذا رجلٌ يُصَلِّي) . [خ¦1211]
          وكقول عائشةَ ♦: «ودخلَ رسولُ اللهِ صلعم وَبُرْمَةٌ على النار». [خ¦5430]
          ومثله: «فدخل(2) وحبلٌ مَمْدُودٌ».
          قال: لا يمتنع(3) الابتداء بالنَّكرة على الإطلاقِ، بلْ إذا لم يُحَصِّلِ الابتداءُ بها فائدةً، نحو: رجلٌ تكلَّم، وغلامٌ احتلم، وامرأةٌ حاضت. فمثل هذا من الابتداء بالنكرة يُمْنَعُ؛ لخُلوِّهِ من الفائدة، إذ لا تخلو الدنيا من رجل يتكلم،/ ومن غلام يحتلم، ومن امرأة تحيض، فلو(4) اقترن بالنكرة قرينةٌ تتحصَّلُ بها الفائدة جاز الابتداءُ بها.
          فمن القرائن التي تتحصَّل بها الفائدة الاعتمادُ على (إذا) المفاجأة، كقولك: انطلقتُ فإذا سَبُعٌ في الطريق، وأتيتُ زيداً فإذا رجلٌ يُخاصِمُه، ومنه / قولُ الصاحب ☺: «إذا رجلٌ يُصَلِّي»، ومنه قول الشاعر:
حَسِبْتُكَ في الوَغَى مِرْدَى حُروبٍ                     إذا خَوَرٌ لديكَ فقلتُ سُحْقَا
          وكذا الاعتماد على واو الحال، كقولك: انطلقتُ وسَبُعٌ في الطريق، وأتيتُ فلاناً ورجلٌ يُخاصمه، ومنه قوله تبارك وتعالى: {وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ}[آل عمران:154].
          ومنه: «ودخلَ رسولُ اللهِ صلعم وبُرْمَةٌ على النَّار»، و«دخلَ وَحَبْلٌ ممدودٌ».
          ومنه قول الشاعر:
سَرَينا ونَجْمٌ قد أضاءَ فمذ بَدَا                     مَحُيَّاكِ أَخْفَى ضَوْؤُه كُلَّ شَارِقِ/
          وكذا الاعتماد على (لولا) كقول الشاعر:
لولا اصْطبارٌ لَأَوْدَى كُلُّ ذي مِقَةٍ                     حين استقلَّتْ مطاياهُنَّ للظَّعَنِ
          وكذا كونُ النكرة معطوفةً، أو معطوفاً عليها. /
          فالمعطوفةُ كقول الشاعر:
مِنِّي اصْطبارٌ وشَكْوَى من مُعَذِّبَتي                     فَهَلْ بأَعْجَبَ مِنْ هذا امرؤٌ سَمِعَا
          والمعطوفُ عليها كقوله تعالى: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ}[محمد:21]، على أن يكون التقدير: طاعةٌ وقولٌ معروف أمثلُ من غيرهما.
          وإنما ذكرتُ من القرائن ما يناسب (إذا) و(الواو) في كون النحويين لا يذكرونه، ولم أقصدِ(5) استقصاءَهَا، إذْ لا حَاجَةَ إلى ذلك في هذا المختصر. /


[1] الحديث في صحيح البخاري من كلام الأزرق بن قيس الحارثي البصري، وهو من ثقات التابعين، وليس من الصحابة، وهو من قول الصحابي مِحْجن بن الأدرع في قصة أخرجها الإمام أحمد في مسنده، ر/20347.
[2] في (ج): «ودخل» بالواو.
[3] في (ج): «لا يمنع» بلا تاء.
[4] في (ج): «ولو» بالواو.
[5] «ولم أقصد»: ساقط من (ج).