الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: المتيمم هل ينفخ فيهما؟

          ░4▒ (بَابُ المُتَيَمِّمِ هَلْ يَنْفُخُ فِيهِمَا): أي: في يديه بعدما يضرب بهما الصعيد، وللأربعة: <باب: هل ينفخ فيهما>، وعود ضمير التثنية إلى اليدين لعلهما من المقام.
          وقال الكرماني: إن في بعض النسخ: (باب: هل ينفخ في يديه بعدما يضرب بهما الصعيد المتيمم).
          وترجم بالاستفهام تنبيهاً على أن فيه احتمالاً كعادته؛ لأن النفخ يحتمل أن يكون لشيء علق بيده فخشي أن يصيب وجهه الشريف، أو علق بيده من التراب شيء كثير، فأراد تخفيفه لئلا يبقى له أثر في وجهه، ويحتمل أن يكون للتشريع، ومن ثم تمسك به من أجاز التيمم بغير التراب زاعماً أن نفخه يدل على أن الشرط في التيمم: الضرب من غير زيادة على ذلك، فلما احتمل الفعل ما ذكر، أورده بالاستفهام، ليعلم الناظر أن للبحث فيه مجالاً، قاله في ((الفتح)).
          واعترضه العيني فقال: هذه الاحتمالات المذكورة التي ذهب إليها بعضهم غير سديدة، بل ظاهر الحديث لبيان التشريع، ثم قال: وتبويب البخاري بالاستفهام أيضاً غير سديد. انتهى.
          وأقول: الاعتراض قوي؛ فإن الأصل في أفعاله عليه الصلاة والسلام التشريع، وإن احتمل غيره، فلهذا أورد البخاري الاستفهام، / فليتأمل.