الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث أبي سلمة: دخلت أنا وأخو عائشة

          251- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا): بالجمع لغير أبوي ذر، والوقت (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ): أي: الجعفي المسندي من ذرية الجعفي الذي أسلم جد البخاري المغيرة على يديه (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد لغير أبوي ذر والوقت، والأصيلي، وابن عساكر (شُعْبَةُ): أي: ابن الحجاج (قَالَ: حَدَّثَنِي): بالإفراد (أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصٍ): أي: ابن عمر بن سعد بن أبي وقاص (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ): هو عبد الله بن عبد الرحمن العوفي، وهو ابن أخت عائشة من الرضاعة، أرضعته أم كلثوم بنت أبي بكر (يَقُولُ): أي: أبو سلمة (دَخَلْتُ أَنَا وَأَخُو عَائِشَةَ) ♦؛أي: من الرضاعة، وهو عبد الله بن يزيد البصري، كما عند مسلم في الجنائز، واختاره النووي وغيره، وقيل: هو كثير بن عبيد الكوفي، كما في (الأدب المفرد) للمؤلف، و((سنن أبي داود)).
          وأما قول الداودي: إنه عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وقول الآخرين:إنه الطفيل بن عبد الله؛ فإنه أخوها لأمها.
          فقال في ((الفتح)): لا يصح واحد منهما، لما روى مسلم من طريق معاذ، والنسائي من طريق خالد بن الحارث، وأبو عوانة من طريق يزيد بن هارون، كلهم عن شعبة في الحديث: أنه أخوها من الرضاعة (عَلَى عَائِشَةَ، فَسَأَلَهَا أَخُوهَا) أي: المار (عَنْ غَسل): بفتح الغين، وفي بعض الأصول بضمها (النَّبِيِّ) لغير أبوي ذر والوقت، والأصيلي، وابن عساكر، ولهم:<رسول الله> (صلعم، فَدَعَتْ): أي: عائشة (بِإِنَاءٍ نَحْوٍ): بالجر صفة، ولكريمة: بالنصب نعت للمجرور باعتبار المحل إذ المعنى: طلبت إناء، والأولى نصبه بإضمار: أعني (مِنْ صَاعٍ): أي: قريباً من الصاع لما سيأتي تفسيره بذلك (فَاغْتَسَلَتْ): أي: عائشة (وَأَفَاضَتْ) أي الماء (عَلَى رَأْسِهَا، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا حِجَابٌ): أي: ستر يستر منها، ما لا يحل للمحرم النظر إليه، فلا ينافي أنهم رأو نحو رأسها ليشاهدوا فعلها من نحو صب الماء على رأسها وشقها، وإلا لم يكن لاغتسالها بحضرة أخيها وابن أختها من الرضاعة معنى، وفي فعلها بحضرتهم دليل على استحباب التعليم بالفعل؛ لأنه أوقع في النفس من القول، وأدل عليه.
          قال في ((الفتح)): ولما كان السؤال محتملاً للكيفية والكمية، بينت لهما ما يدل على الأمرين معاً، أما الكيفية: فبالاقتصار على إفاضة الماء، وأما الكمية: فبالاكتفاء بالصاع.
          واعترضه العيني فقالا: لا نسلم أن السؤال عن الكمية، ولئن سلم فلم تبين إلا الكيفية؛ لأنها طلبت إناء ماء مثل صاع، فيحتمل أن يكون ذلك الماء ملأ الإناء أو أقل منه. انتهى.
          وأقول:
          (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ): أي: المصنف (قَالَ): ولابن عساكر، والأصيلي: <وقال> (يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ) بإسقاط:<قال أبو عبد الله>، وزيادة واو، وطريقه موصولة في (مستخرج أبي عوانة، وأبي نعيم) (بَهْزٌ): بفتح الموحدة وإسكان الهاء آخره زاي، وهو: أسد بن سعد، الحجة، مات بمرو، وحديثه وصله الإسماعيلي (وَالجُدِّيُّ): بضم الجيم وتشديد الدال: نسبة إلى جدة بساحل البحر من جهة مكة:عبد الملك بن إبراهيم، ونسب إليها؛ لأن أصله منها؛ لكنه سكن البصرة، ومات سنة ثلاث أو أربع وخمسين ومائتين، فهؤلاء الثلاثة رووا (عَنْ شُعْبَةَ): أي: ابن الحجاج (قَدْرِ الصَّاعٍ) بدل:(نحو من صاع)، و(قدر): بالجر بيان لإناء، والنصب على ما / مر في (نحو)، أو المراد من الروايتين: أن الاغتسال وقع بملء الصاع من الماء تقريباً لا تحديداً.