الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: انطلق أبي عام الحديبية فأحرم أصحابه ولم يحرم

          1821- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ) بفتح الفاء وتخفيف الضاد المعجمة؛ أي: الزهراني، قال: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ) أي: الدَّستوائي (عَنْ يَحْيَى) أي: ابن أبي كثير (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) بتكبير: عبد (ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ) ولمسلم: ((أخبرني عبد الله بن أبي قتادة)) (قَالَ: انْطَلَقَ أَبِي) أي: أبو قتادة، وهو: الحارثُ بن ربعيٍّ الأنصاري (عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ) أي: في عمرتها.
          قال في ((الفتح)): هكذا أخرجه مرسلاً، وكذا مسلمٌ وأحمد، لكن أخرجهُ أبو داود الطَّيالسي عن أبيه مرفوعاً بلفظ: ((أنَّه انطلق مع النَّبيِّ صلعم)).
          وقوله: ((عام الحديبية)) أصحُّ من رواية الواقديِّ من وجهٍ آخر عن عبد الله بن أبي قتادة أنَّ ذلك كان في عمرةِ القضيَّةِ.
          (فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ) أي: أصحابُ أبي قتادة (وَلَمْ يُحْرِمْ) أي: أبو قتادةَ لما في مسلمٍ: ((أحرمَ أصحابي ولم أُحرِم)).
          قال في ((الفتح)): وفي هذا السِّياقِ حذفٌ بينته روايةُ عثمان الآتية بعد بابين عن عبد الله بن أبي قتادة بلفظ: ((أنَّ رسولَ الله خرجَ حاجًّا فخرجوا معه، فصرفَ طائفةٌ منهم فيهم أبو قتادة فقال: خُذُوا ساحلَ البحر حتى نلتقيَ، فأخذوا ساحلَ البحرِ إلا أبا قتادة))، انتهى. أي: فلم يحرم أبو قتادة لأنَّه لم يردْ نُسُكاً، فلا يجبُ عليه حينئذٍ الإحرامُ به عند الشَّافعيِّ على الصَّحيح.
          وأما على مذهب غيره القائلينَ بوجوب الإحرامِ، فأجابوا بأنَّه إنما لم يحرم بنُسُك؛ لأنَّه أرسلهُ النَّبيُّ مع جماعةٍ إلى جهةٍ أخرى ليكشفَ له أمر العدوِّ كما قال.
          (وَحُدِّثَ) بضم الحاء المهملة؛ أي: أخبر (النَّبِيُّ صلعم أَنَّ عَدُوًّا) أي: لهُ من المشركينَ (يَغْزُوهُ) أي: يقصدُ غزوه، وأمَّا جواب الكرماني أيضاً تبعاً لعياض بأنَّه لم يكنْ خرجَ مع رسول الله من المدينة، بل بعثهُ أهلها بعد ذلك ليعلمه أن بعضَ العرب يقصدونَ الإغارة على المدينة، وقيل: إنَّ المواقيتَ لم تكنْ وُقِّتت، انتهى.
          فقد قال في ((الفتح)): إنه ضعيفٌ مخالفٌ لما ثبت في الطَّريق الصَّحيحة طريق عثمان بن موهب الآتية، ويأتي في الباب الذي بعد هذا أنَّهم أخبروا بعدوٍّ بغيقةَ.
          وفي حديثٍ رواهُ سعيد بن منصور عن أبي قتادة: أنَّ خبر العدوِّ أتاهُم حين بلوغهم الرَّوحاء ومنها وجَّههم النَّبيُّ، وحاصلُ القصَّة كما في ((الفتح)) أن النَّبيَّ صلعم لما خرج في عمرةِ الحديبية فبلغ الرَّوحاء وهي من ذي الحليفة / على أربعةٍ وثلاثين ميلاً أخبروهُ أن عدوًّا من المشركين بوادي غيقة يخشَى منهم أن يقصدوا غرَّته، فجهَّز طائفةً من أصحابه فيهم أبو قتادة إلى جهتهم ليأمنَ شرَّهم، فلما أمنوا ذلك لحقَ أبو قتادة وأصحابه بالنَّبيِّ صلعم فأحرموا إلَّا هو فاستمرَّ حلالاً؛ لأنَّه إما لم يتجاوز الميقات، وإما لم يقصد العمرة.
          وبهذا يرتفعُ الإشكالُ الذي ذكرهُ الأثرمُ قال: كنت أسمعُ أصحابنا يتعجَّبون من هذا الحديثِ ويقولون: كيف جازَ لأبي قتادة أن يجاوزَ الميقات وهو غير محرمٍ، ولا يدرونَ ما وجهه قال: حتَّى وجدته في روايةٍ من حديث أبي سعيدٍ فيها: ((خرجنا مع رسولِ الله فأحرمنا، فلما كنَّا بمكانِ كذا إذا نحنُ بأبي قتادةَ كان النَّبيُّ بعثهُ في وجه...)) الحديث.
          قال: فإذن أبو قتادة إنما جازَ له ذلك؛ لأنَّهُ لم يخرجْ يريدُ مكَّة، انتهى.
          وفي ((صحيح ابن حبَّان)) والبزار عن أبي سعيد قال: بعث رسولُ الله صلعم أبا قتادة على الصَّدقة، وخرجَ رسولُ الله صلعم وأصحابه وهم محرمونَ حتى نزلوا بعُسْفان، فإذا هم بحمار وحشٍ، وجاءَ أبو قتادة وهو حل... الحديث، فهذا سببٌ آخر، ويحتملُ جمعهما، والذي يظهرُ أن أبا قتادة إنما أخَّر الإحرام؛ لأنَّه لم يتحقَّق أنَّه يدخل مكَّة، فساغ له التَّأخيرُ، انتهى.
          وظاهرُ حديث ابن حبَّان يخالفُ ما في حديث البخاريِّ.
          وأجيب: باحتمال أنَّه عليه السلام ومن معهُ لحقوا أبا قتادة في بعض الطَّريق قبل الرَّوحاء، فلمَّا بلغوها وجاءهم خبر العدوِّ وجَّهه النَّبيُّ صلعم في جماعةٍ لكشف خبر العدوِّ.
          (فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صلعم) أي: لمقصدهِ الذي توجَّه له، وقوله: (فَبَيْنَمَا) بالميم، وللكُشميهني: <فبينا> (أَنَا مَعَ أَصْحَابِي) وفي الفرع وأصله: <مع أصحابه> بهاء الغيبة.
          وفي ((الفتح)): ((فبينا أبي مع أصحابه)) من كلامِ أبي قتادة على الرِّوايتين الأوليين، وعلى الثالثة التي في ((الفتح)) فهي من كلامِ عبد الله بن أبي قتادة.
          (يَضَحْكُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ) أي: ناظراً إلى بعض، و<يضحك> لأبي الوقت مضارع، ولغيره: <فضحك> بالفاء ماضياً، وفي الفرع: <تضحك> بفوقية أوله وتشديد الحاء المفتوحة، ماض من باب التفعل، وضحكهم للتعجُّبِ من عروض الصَّيد مع منعهم منه للإحرام لا للإشارةِ منهم، والدَّلالةُ لأبي قتادةَ على الصيد.
          وفي حديثِ أبي سعيدٍ المار: وجاءَ أبو قتادة وهو حلُّ فنكَّسوا رؤوسهم كراهيةَ أن يحدوا أبصارهم له، فيفطنَ فيراه.
          وفي حديثِ الباب الآتي: فبصر أصحابِي بحمار وحشٍ فجعل بعضهم يضحكُ إلى بعض، زاد في رواية أبي حازمٍ: ((وأحبُّوا لو أنِّي أبصرتهُ))، ووقع لمسلمٍ من رواية العذري: ((فجعل بعضُهُم يضحكُ إليَّ)) بتشديد الياء.
          قال عياض: وهي خطأ وتصحيفٌ لسقوط لفظ ((بعض)) عنده، واحتجَّ لضعفها بأنَّهم لو ضحكوا إليه لكان أكبر إشارةً، وقد قال لهم النَّبيُّ: ((هل منكم أحدٌ أمرهُ أو أشارَ إليه)) قالوا: لا، وإذا دلَّ المحرمُ الحلال على الصَّيد لم يأكلْ منه اتِّفاقاً، وإنما اختلفوا في وجوبِ الجزاءِ، انتهى.
          وتعقَّبه النووي: بأنَّه لا يمكن ردُّ هذه الرِّواية لصحَّتها وصحَّة الأخرى، وليس في واحدةٍ منهما دلالةٌ ولا إشارةٌ، فإن مجرَّدَ الضحك ليس فيه ذلك، انتهى.
          وانتصرَ في ((الفتح)) لعياض بما في بعضهِ شيءٌ، فراجعه.
          (فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ) بالإضافة، وفيه التفاتٌ على الرواية: ((فبينا أبي)) الواقعة في ((الفتح)) إلا أن يقدر هنا أنَّ الأصل: ((قال أبي فنظرتُ)) قاله في ((الفتح)).
          وهذه الرِّوايةُ لا تقتضي أنَّ رؤيته إيَّاهُ متقدِّمةٌ على رؤيتهم له كما قال العيني؛ لتنافي رواية أبي حازمٍ المصرحة برؤيتهم قبله، فإنَّ فيها: ((فأبصروا حماراً وحشياً، وأنا مشغولٌ أخصفُ نعلي، فلم يؤذنوني به، وأحبُّوا لو أنِّي أبصرتُهُ، والتفتُّ فأبصرتُهُ)). وفي لفظٍ له كما يأتي في الجهاد: ((فرأوا حماراً وحشيًّا قبل أن يراهُ أبو قتادَةَ، فلما رأوهُ تركوهُ حتى رآهُ فركب)).
          وفي رواية محمد بن جعفر: ((فقمتُ إلى الفرسِ فأسرجتُهُ، ثمَّ ركبتُ ونسيتُ السوط والرُّمح فقلت لهم: ناولوني السَّوط والرُّمحَ، فقالوا: لا واللهِ لا نُعِينك عليه بشيءٍ، فغضبتُ فنزلتُ فأخذتهما ثمَّ ركبت)) فافهم.
          (فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ) أي: على حمارِ الوحشِ (فَطَعَنْتُهُ فَأَثْبَتُّهُ) بمثلثة ساكنة فموحدة مفتوحة فمثناة فوقية مشددة؛ أي: جعلتهُ ثابتاً في مكانهِ لا حراكَ له، وفي رواية أبي حازم: ((فشدَّدتُ على الحمار فعقرتهُ، ثمَّ جئتُ به وقد مات)) (وَاسْتَعَنْتُ بِهِمْ) أي: في حملهِ (فَأَبَوْا) بفتح الموحدة؛ أي: امتنعوا (أَنْ يُعِينُونِي) وفي رواية أبي النَّضر: ((فأتيتُ إليهم فقلتُ لهم: قُوموا فاحتملوا فقالوا: لا نمسُّه، فحملتهُ حتى جئتُهُم به)) (فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ) وفي رواية فضيلٍ عن أبي حازمٍ: ((فأكلوا فندموا)).
          وفي روايةِ محمَّد بن جعفر عن أبي حازم: ((فوقفوا يأكلونَ منه، ثمَّ إنَّهم شكوا في أكلِهِم إيَّاه وهم حُرُمٌ فرحنا وخبأتُ العضدَ: معي)). وفي رواية مالكٍ عن أبي النضر: / ((فأكلَ منه بعضُهم وأبى بعضُهم))، وفي حديث أبي سعيدٍ: ((فجعلوا يشوون)).
          وفي رواية سعيد بن منصور عن أبي قتادة: ((فطلبنا نأكلُ منه ما شئنا طبيخاً وشواءً ثمَّ تزوَّدنا منه)).
          (وَخَشِينَا) بكسر الشين المعجمة (أَنْ نُقْتَطَعَ) بضم النون أوله مبنيًّا للمفعول؛ أي: نصيرَ مقطوعين عن النَّبيِّ صلعم، وفي رواية عليِّ بن المبارك من طريقِ أبي عَوانة: ((وخشينا أن يقطعنَا العدوُّ عن النَّبيِّ صلعم لكونه سبقَهُم وتأخَّروا هم للرَّاحة بالقاحَّةِ الموضع الذي وقعَ به الصَّيد)).
          وفي رواية أبي النَّضر الآتيةِ في الصيد: ((فأبى بعضُهم أن يأكُلَ فقلت: أنا أستوقفُ لكم النَّبيَّ فأدركته فحدَّثتُه)) الحديث.
          فمفهومُ هذا أنَّ سبب إسراع أبي قتادة لإدراكهِ عليه السلام ليستفتيهِ عن قصَّةِ أكل الحمار، ومفهومُ حديث أبي عوانة أنَّ سببه الخشيةَ على أصحابه من العدوِّ، ويمكن الجمع بأن يكون ذلك بسببِ الأمرينِ، قاله في ((الفتح)).
          (فَطَلَبْتُ النَّبِيَّ صلعم، أَرْفَعُ) بضم الهمزة وتشديد الفاء مبنيًّا للفاعل، وفي بعض الأصول: بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح الفاء (فَرَسِي) أي: أسيِّرهُ سيراً شديداً (شَأْواً) بفتح الشين المعجمة وسكون الهمزة وفتح الواو منوناً؛ أي: تارةً.
          وقال شيخُ الإسلام: شأواً؛ أي: بمقدار عَدْوه، ونصب ((شأواً)) في الموضعين صفة لمصدر محذوف؛ أي: دفعاً شأواً وسيراً شديداً.
          (وَأَسِيرُ) أي: بلا عدوٍّ (شَأْواً) أي: تارةً أخرى، والمعنى أنَّه يركضهُ فرسه تارةً ويمشِي على العادةِ أخرى (فَلَقِيتُ رَجُلاً مِنْ بَنِي غِفَارٍ) بكسر الغين المعجمة وتخفيف الفاء.
          قال في ((الفتح)): ولم أقفْ على اسمه.
          (فِي جَوْفِ اللَّيْلِ) أي: في وسطه (قُلْتُ) وفي بعضِ الأصول: <فقلت له> (أَيْنَ تَرَكْتَ النَّبِيَّ صلعم ؟ قَالَ: تَرَكْتُهُ بِتَعْهِنَ) بموحدة جارة فمثناة فوقية أوله مفتوحة فعين مهملة ساكنة فهاء مكسورة على المشهور، عين ماءٍ على ثلاثة أميالٍ من السُّقيا، فنون غير مصروف ولأكثرِ الرواة بفتح التاء والهاء.
          ورواه أبو ذرٍّ عن الكُشميهني: بكسر الفوقية والهاء، وحكى أبو ذرٍّ الهروي أنَّه سمع أهلَ ذلك المكان يفتحون الهاء، وفي فرع ((اليونينية)) وأصلها: ضمة فوق الهاء تحت المفتوحة بالحمرة.
          وقال في ((القاموس)): وتَعهِن مثلثة الأول مكسورة الهاء، ذكره القسطلاني.
          ونقل الزَّركشي عن أبي ذرٍّ: أنَّه سمع من كثيرٍ من العربِ من يضم التاء ويفتح العين ويكسر الهاء، ونُقِل أيضاً عن أبي موسى المديني أنَّه بضم التاء والعين وتشديد الهاء، موضعٌ فيما بين مكَّةَ والمدينةَ، انتهى.
          لكن قال في ((فتح الباري)): بكسر المثناة وفتحها فعين مهملة ساكنة ثم هاء مكسورة ثم نون، ورواية الأكثر بالكسر، وبه قيَّدها البكري في ((معجم البلاد))، وللكُشميهني: بكسر أوله وثالثه، ولغيره بفتحهما.
          وحكى أبو ذرٍّ الهروي: أنَّه سمعها من العربِ بذلك المكان بفتح الهاء، ومنهم من يضم التاء ويفتح العين ويكسر الهاء، قيل: وهو من تغيُّراتهم، والصَّواب الأول.
          وأغرب أبو موسى المديني فضبطه بضم أوله وثانيه وتشديد الهاء، ثمَّ قال: ووقعَ في رواية الإسماعيلي: <بدعهن> بالدال المهملة بدل المثناة.
          (وَهُوَ) أي: النَّبيُّ عليه الصلاة والسلام (قَائلٌ السُّقْيَا) قال الكرمانيُّ: بضم السين المهملة وسكون القاف وبالتحتانية والقصر، قريةٌ بين مكَّةَ والمدينة من أعمال الفُرْع بضم الفاء وسكون الراء وبالمهمل.
          وقال الزَّركشي: هو مفعولٌ بفعل مضمر، كأنَّه قال: اقصدوا السُّقيا، وقائل اسم فاعل من القولِ أو من القائلةِ أيضاً، والأوَّلُ هو المرادُ هنا.
          وقال النَّووي: يروى بوجهين: أصحُّهما وأشهرهما: بهمزة بين الألف واللام، من القيلولة؛ أي: تركتهُ في اللَّيلِ بتعهُّن وعزمهُ أن يقيلَ بالسُّقيا، فمعنى قائل؛ أي: سيقيلُ.
          وثانيهما: أنَّه قابل بالباء الموحدة وهو غريبٌ، وكأنَّهُ تصحيفٌ، فإن صحَّ فمعناه أن تعهُّن موضعٌ قابل للسُّقيا، فعلى الأول الضَّمير في وهو للنبي، وعلى الثَّاني للموضعِ.
          وقال في ((الفتح)): ووقعَ عند الإسماعيليِّ من طريقِ هشام: وهو قائمٌ بالسُّقيا، فأبدل اللام ميماً، وزاد باء في السُّقيا.
          (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ) قال في ((الفتح)): في السياق حذفٌ تقديره: فسرت فأدركته، فقلت: (إِنَّ أَهْلَكَ) قال في ((المصابيح)): كذا للكثير ولابن السَّكنِ إن أصحابَكَ، انتهى.
          وقال في ((الفتح)): المرادُ بالأهلِ الأصحاب بدليلِ روايةِ المصنف الآتية، وأحمد ومسلم وغيرهما بلفظ: ((إنَّ أصحابك)).
          (يَقْرَءُونَ) بفتح التحتية (عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا) بفتح الخاء وضم الشين (أَنْ يُقْتَطَعُوا) بالتحتية مبنيًّا للمفعول (دُونَكَ فَانْتَظِرْهُمْ) زاد في الباب اللاحقِ: ((ففعل))، وزاد مسلم: ((فانتظرهم)) ماضياً.
          (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَبْتُ حِمَارَ وَحْشٍ، وَعِنْدِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ؟) أي: قطعةٌ فضُلَت منه فهي فاضلةٌ أو باقية فهي بفاء وألف وضاد معجمة فلام فتاء (فَقَالَ) أي: النَّبيُّ عليه السلام (لِلْقَوْمِ) أي: المحرمينَ (كُلُوا) / أي: من الفاضلةِ، والأمرُ للإباحةِ لقوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة:2] (وَهُمْ مُحْرِمُونَ) جملة حالية.
          وفي روايةِ أبي حازمٍ المنبَّه عليها فيما مرَّ إشارةٌ إلى أن تمنِّي المحرم أن يحصلَ من الحلال صيدٌ ليأكلَ المحرم منه لا يقدحُ في إحرامهِ، ولا يحرمُ عليه الأكلُ منه.
          ومطابقةُ الحديثِ للتَّرجمةِ ظاهرةٌ، وأخرجهُ المصنف أيضاً في الهبة والأطعمة والمغازي والجهاد والذَّبائح، ومسلم في الحجِّ، وكذا أبو داود والترمذي والنَّسائي وابن ماجه.
          وقوله: (قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ) أي: البخاريُّ (شَأواً) أي: المتقدِّمةُ في الحديثِ (مرَّةً) ساقطٌ من أكثرِ النُّسخ.