الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام

          1240- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ): هو الذُّهلي، كما قال الكلاباذِي، قال: (حَدَّثَنَا عَمْرُو): بفتح العين (ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ): بفتحات؛ أي: الدَّوسي (عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي): بالإفراد (ابْنُ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ☺ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلعم يَقُولُ: حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ): خرج الكافرُ (خَمْسٌ): لمسلمٍ عن أبي هريرة مرفوعاً: ((خمسٌ تجبُ للمُسلِمِ على المسلِمِ))، فذكره، وله من طريقٍ آخر عن أبي هُريرة ☺: ((حقُّ المسلِمِ على المسلِمِ ستٌّ))، وزاد: ((وإذا استنصَحَكَ فانْصَحْ لهُ))، والتَّعبير بالحقِّ يشملُ الواجب عيناً أو كنايةً والندب، لا كما في ((الفتح)): من أنه للوجوبِ الكفائي.
          وقال ابنُ بطَّال: المراد حقُّ الحرمةِ والصُّحبة.
          (رَدُّ السَّلاَمِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ): بفتح الدال المهملة (وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ): تقدَّم الكلام على هذه الخمس أول الباب، وسيأتي الكلامُ عليها أيضاً إن شاء الله في محالِّها.
          (تَابَعَهُ): أي: تابع عمرو بن أبي سلمة (عَبْدُ الرَّزَّاقِ): أي: ابن همَّامٍ الصنعاني (قَالَ): أي: عبد الرزاق (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ): بفتح الميمين بينهما عين ساكنة؛ أي: ابن راشدٍ، وهذه المتابعةُ وصلها مسلمٌ (وَرَوَاهُ سَلاَمَةُ): بفتح السين المهملة وتخفيف اللام والميم آخره هاء تأنيث، ولأبي ذرٍّ زيادة: <ابن رَوح> بفتح الراء؛ أي: ابن خالدٍ (عَنْ عُقَيْلٍ): مصغَّراً؛ أي: ابن خالدٍ، فهو عم سلامة السابق.
          قال في ((الفتح)): رواية سلامة أظنُّها في ((الزهريات)) للذُّهلي وله في نسخةٍ: ((عن عمِّه عن الزُّهري))، ويقال: كان يرويها من كتاب، والغرضُ من هذه المتابعة: التَّقويةُ لما قيل: أن عَمرو بن أبي سلمة ضعيفٌ لتضعيف ابن معينٍ له بسبب أن في حديثهِ عن الأوزاعي مناولةٌ وإجازةٌ، وقد بيَّن أحمد بن صالحٍ المصري أنه كان يقول فيما سمعه: حدَّثنا، ولا يقولُ ذلك فيما لم يسمعهُ، وعلى هذا فقد عنعنَ بهذا الحديثِ، فدلَّ على أنه لم يسمعه.
          قال في ((الفتح)): والجوابُ عن البُخاري: أنه يعتمدُ على المناولةِ أو يحتجُّ بها، وقصَارى هذا الحديث أن يكون منها على أنه لم ينفردْ بالحديث عمرو، فقد أخرجهُ الإسماعيليُّ من طريق الوليدِ بن مسلمٍ عن الأوزاعي، وكأنَّ البخاريَّ اختار طريق عَمرو لوقوعِ التَّصريحِ فيها بالإخبار بين الأوزاعيِّ والزهري.