نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: أن رسول الله فرق بين رجل وامرأة قذفها وأحلفهما

          5313- (حَدَّثَنِي) بالإفراد (إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ) الحزامي، أحد الأعلام، قال: (حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ) أبو ضمرة (عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ) بضم العين، ابن عُمر العمري (عَنْ نَافِعٍ) مولى ابن عمر (أَنَّ ابْنَ عُمَرَ) ☻ (أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلعم فَرَّقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ قَذَفَهَا) بالزِّنا (وَأَحْلَفَهُمَا) بالحاء المهملة؛ أي: لاعن بينهما، وقوله: فرق، دليل لأبي حنيفة وصاحبيه أنَّ اللِّعان لا يتم إلَّا بتفريق الحاكم، وهو قول الثَّوري أيضاً خلافاً للشَّافعية.
          وأولوا قوله: ((فرَّق)) بأنَّ المرادَ: حَكَمَ بأنْ يَفْتَرِقا حِسّاً؛ لحصول الافتراق شرعاً بنفس اللِّعان، واحتجُّوا لوقوع الفرقة بنفس اللِّعان بقوله صلعم في الرِّواية الأخرى: ((لا سبيل لك عليها)).
          وتُعُقِّبَ: بأنَّ ذلك وَقَعَ جواباً لسؤال الرَّجل عن ماله الذي أخذته منه. وقد أجابوا عنه: بأنَّ العِبْرةَ بعموم اللَّفظ، وهو نكرةٌ في سياق النَّفي، فيشمل المالَ والبَدَنَ، ويقتضي نفي تسليطه عليها بوجه من الوجوه.
          ووقع في آخر حديث ابن عبَّاس ☻ ، عند أبي داود: وقضى أنْ ليس عليه قوتٌ ولا سُكنى من أجل أنَّهما يفترقان بغير طلاقٍ، ولا متوفى عنها، وهو ظاهر في أنَّ الفرقة وقعتْ بينهما بنفس اللِّعان. وقالوا: يستفاد منه أنَّ قوله في حديث سهل: ((فطلَّقها ثلاثاً قبل أن يأمرَه رسولُ الله صلعم بفراقها)) أنَّ الرَّجل / إنَّما طلَّقها قبل أن يعلمَ أنَّ الفرقة تقعُ بنفس اللِّعان، فبادر إلى تطليقها؛ لشدَّة نفرته منها.
          هذا، وأنت خبيرٌ بأنَّ ما أولوه به غيرُ ظاهرٍ، مع أنَّ ما احتجَّوا به على مذهبهم ليس بقويٍّ، فليُتَأمل.
          ومطابقةُ الحديثِ للتَّرجمة ظاهرةٌ.