نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: هما ريحانتاي من الدنيا

          3753- (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) قال: (حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ) هو: محمدُ بن جعفر، قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ) هو: محمَّد بن عبد الله بن أبي يعقوب الضَّبِّي البصري، ويقال: إنَّه تميميٌّ، وقد قال شعبةُ مرَّة: حدَّثني محمَّد بن أبي يعقوب، وكان سيِّد بني تميم وهو ثقةٌ باتِّفاق وينسب إلى جدِّه قال: (سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي نُعْمٍ) بضم النون وسكون العين المهملة، اسمه: عبد الرحمن، يكنى: أبا الحكم الزَّاهد البَجلي الكوفي، وكان يُحرِمُ من السَّنة إلى السَّنة، ويقول: لبَّيك لو كان رياء لاضمحلَّ.
          (سَمِعْتُ) أي: قال سمعت (عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ☻ ) جملة حالية (عَنِ الْمُحْرِمِ) أي: بالحجِّ أو العمرة؛ يعني: سأل رجل ابن عمر ☻ عن حال المحرم؛ أي: الذي يقتل الذُّباب حالة الإحرام. وفي «الأدب» في رواية مهدي بن ميمون عن ابنِ أبي يعقوب: «وسأله رجل» [خ¦5994].
          قال الحافظُ العسقلاني: ورأيتُ في بعض النُّسخ من رواية أبي ذرٍّ الهرويِّ: <وسألتُه> فإن كانت محفوظة فقد عُرِف اسم السَّائل. لكن يُبعِده أنَّ في رواية جرير بن حازم عن محمَّد بن أبي يعقوب عند الترمذيِّ أنَّ رجلاً من أهل العراق سأل. وفي رواية لأحمد: وأنا جالسٌ عنده، نحوها في رواية مهدي المذكورة / في «الأدب».
          (قَالَ شُعْبَةُ: أَحْسِبُهُ يَقْتُلُ الذُّبَابَ) أي: أظنُّه سأل عن المُحرِم الذي يقتل الذُّباب حالة الإحرام. ووقع في رواية أبي داود الطَّيالسي عن شعبة بغير شكٍّ. وفي رواية جريرِ بن حازم المذكورة: سأل ابنُ عمر ☻ عن دمِ البعوضِ يُصيب الثَّوب، وكذا هو في رواية مهدي بن ميمون المذكورة، ويحتمل أن يكون السُّؤال وقع عن الأمرين.
          (فَقَالَ) أي: ابن عمر ☻ (أَهْلُ الْعِرَاقِ يَسْأَلُونَ عَنِ الذُّبَابِ) أي: عن قتل الذُّباب، وفي رواية أبي داود: فقال: يا أهل العراق تسألونَني عن الذُّباب (وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلعم ) إنما قال ذلك متعجِّباً حيث يسألون عن قتل الذُّباب ويتفكَّرون فيه، وقد اجترؤوا على قتلِ الحسين بن علي ☻ ابن بنتِ رسول الله صلعم ، وهذا شيءٌ عجيبٌ يسألون عن الشَّيء اليسير ويفرِّطون في الشَّيء الجليل الخطير.
          (وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : هُمَا) أي: الحسن والحسين ☻ (رَيْحَانَتَايَ) كذا في رواية الأكثر بالتَّثنية، وفي رواية أبي ذرٍّ: بالإفراد والتَّذكير؛ أي: هما ريحاني، شبههما بذلك لأنَّ الولد يُشَمُّ ويقبَّل، فكأنَّه من جملة الرَّياحين. وقال الكرمانيُّ: الرَّيحان الرِّزق أو المشموم. وتعقَّبه العينيُّ بأنَّه لا وجه هنا أن يكون بمعنى الرِّزق كما لا يخفى.
          (مِنَ الدُّنْيَا) ووقع في رواية جرير بن حازم: ((إنَّ الحسن والحسين هما ريحانتي)). وروى الترمذيُّ من حديث أنس ☺: أنَّ النَّبي صلعم كان يدعو الحسن والحسين ☻ فيشمُّهما ويضمُّهما إليه.
          وفي رواية الطَّبراني في «الأوسط» من طريق أبي أيوب ☺ قال: دخلتُ على رسول الله صلعم والحسن والحسين يلعبان بين يديهِ، فقلتُ: أتحبهما يا رسول الله؟ قال: ((وكيف لا وهمَا رَيحانتايَ من الدنيا أشمُّهما)).
          ومطابقة الحديث للترجمة / ظاهرةٌ.