نجاح القاري لصحيح البخاري

باب بيع العبيد والحيوان بالحيوان نسيئةً

          ░108▒ (بابُ) حكم (بَيْعِ الْعَبِدِ) أي: بالعبد (وَ) بيع (الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ) من عطف العام على الخاص (نَسِيئَةً) بفتح النون وكسر السين المهملة وفتح الهمزة؛ أي: مؤجلاً وانتصابه على التَّمييز.
          وقال الحافظُ العَسْقَلَانِيُّ: وكأنَّه أراد بالعبد جنس ما يستعبد فيدخل الذَّكر والأنثى، ولذلك ذكر قصة صَفِيَّةَ، أو أشار إلى حكم الذَّكر بحكم الأنثى في ذلك لعدم الفرق.
          وتعقَّبه العَيْنِيُّ بأنَّا لا نُسَلِّمُ أن يكون المراد بالعبد جنس ما يُسْتَعْبَد، وليس هذا موضوعه في اللُّغة وإنَّما هو خلاف الأَمَةِ، كما نصَّ عليه أهل اللُّغة، ولا حاجةَ لإدخال الأنثى فيه إلى هذا التَّكلف والتَّعسف، فقد عُلِمَ أنَّه إذا ورد حكم في الذُّكور يدخل فيه الإناث إلَّا بدليلٍ يخصُّ الذُّكور، انتهى.
          وأنت خيبر بأنَّ الحافظَ العَسْقَلَانيَّ لم يدعِ أنَّه موضوع في اللُّغة لهذا المعنى، وفرق بين كون المعنى مراداً من اللَّفظ وبين كونه موضوعاً، فافهم.
          وهذه التَّرجمة مشتملةٌ على حكمين:
          أحدهما: بيع العبد بالعبد نسيئةً، وكذا بيع العبد بالعبدين أو أكثر، فإنَّه يجوز عند الشَّافعي وأحمد وإسحاق، وقال مالكٌ: إنَّما يجوز إذا اختلف الجنس. وقال أبو حنيفة وأصحابه والكوفيون: لا يجوز ذلك، وقال التِّرمذي: باب ((ما جاء في شراء العبد بالعبدين)): حدَّثنا قتيبة: أنبا اللَّيث عن أبي الزُّبَيْرِ عن جابرٍ ☺ قال: جاء عبد يبايع النَّبي صلعم على الهجرة ولا يشعر النَّبي صلعم أنَّه عبدٌ فجاء سيِّده يريده، قال النَّبي صلعم : ((بعنيه)) فاشتراهُ بعبدين / أسودين، ثمَّ لم يبايع أحداً بَعْدُ حتَّى يسأله أعبدٌ هو، ثُمَّ قال: والعمل على هذا عند أهل العلم أنَّه لا بأس عبد بعبدين يداً بيدٍ، واختلفوا فيه إذا كان نساءً. وأخرجه مسلمٌ وبقيَّة أصحاب السُّنن.
          الثَّاني: بيع الحيوان بالحيوان، فالعلماءُ اختلفوا فيه فقالت طائفةٌ: لا ربا بالحيوان، وجائز بعضه ببعض نقداً ونسيئةً اختلف أو لم يختلف، هذا مذهبُ علي وابن عمر ♥ وابن المُسَيِّب، وهو قول الشَّافعي وأبي ثَوْرٍ. وقال مالكٌ: لا بأسَ بالبعير النَّجيب بالبعيرين من حاشية الإبل نسيئةً وإن كانت، نعم واحدة إذا اختلفت وبان اختلافها.
          وإن اشتبه بعضها ببعضٍ واتَّفقت أجناسها فلا يُؤْخَذُ منها اثنان بواحد إلى أجل، ويؤخذ يداً بيد، وهو قول سُلَيْمَانَ بن يَسَارِ ورَبِيْعَةَ ويَحيى بن سَعِيد. وقال الثَّوري والكوفيون وأحمد: لا يجوز بيع الحيوان نسيئةً اختلفت أجناسها أو لم تختلف، واحتجُّوا في ذلك بما رواه الحَسَن عن سَمُرَةَ ☺: أنَّ النَّبي صلعم نهى عن بيع الحيوان نسيئة. وقال التِّرمذي: باب ((ما جاء في كراهة بيع الحيوان بالحيوان نسيئة))، ثمَّ روى حديث سَمُرَةَ ☺ هذا وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
          وسماع الحَسَن من سَمُرَةَ صحيحٌ، هكذا قال علي بن المَدِيْنِيِّ وغيره، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النَّبي صلعم وغيرهم في بيعِ الحيوان بالحيوان نسيئةً، وهو قول سُفيان الثَّوري وأهل الكوفة، وبه يقول أحمد.
          وقال التِّرمذي: وفي باب عن ابن عبَّاس وجابر وابن عمر ♥ هذا، فأمَّا حديث ابن عمر ☻ فأخرجه التِّرمذي في كتاب «العلل»: حدَّثنا محمد بن عَمرو المَقْدِسِيُّ، عن زِيَادِ بن جُبَيْرٍ، عن ابن عُمر ☻ قال: نهى رسول الله صلعم عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئةً.
          وأمَّا حديث جابر ☺ فأخرجه ابنُ مَاجَه عن أبي سعيد الأَشَجِّ، عن حَفْصِ بن غِيَاثٍ، وأبي خَالد عن حَجَّاجٍ عن أبي الزُّبَيْرِ عن جَابِرٍ ☺: أنَّ رسول الله صلعم قال: لا بأس بالحيوان بالحيوان واحد باثنين يداً بيد وكَرِهَهُ نسيئةً.
          وأمَّا حديث ابن عَباس ☻ فأخرجه الترمذي أيضاً في «العلل»: حدَّثنا سُفيان بن وَكِيْع: حدَّثنا محمد بن حُمَيْدٍ _هو: الأَحْمَرِيُّ_ عن مَعْمَرٍ عن يَحيى بن أبي كَثِير عن عِكْرِمَةَ عن ابن عَباس ☻ / : أنَّ النَّبي صلعم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئةً.
          فإن قيل: قال البَيْهَقِيُّ بعد تخريجه حديث سَمُرَةَ: أكثر الحفَّاظ لا يثبتون سماع الحَسَن من سَمُرَةَ ☺ في غير حديث العقيقة.
          فالجواب: أنَّ قول الحافظَيْنِ الكبيرَيْنِ الحجتَيْنِ التِّرمذي وعلي بن المَدِيْنِيِّ كافٍ في هذا مع أنَّهما مُثْبِتَانِ، والبَيْهَقِيُّ ينقل النَّفي والمُثْبِتُ مقدمٌ على النَّافي.
          فإن قيل: حديث ابن عُمر ☻ قال فيه التِّرمذي: سألت محمداً عن هذا الحديث فقال: إنَّما يروي عن زِيَادِ بن جُبَيْرٍ عن النَّبي صلعم مرسلاً.
          فالجواب: أنَّه رواه الطَّحَاوِيُّ موصولاً بإسنادٍ جيد قال: حدَّثنا محمد بن إِسماعيل بن سَالِم الصَّائِغُ وعبد الله بن محمد بن حَشِيْشٍ وإبراهيم بن محمد الصَّيْرَفِيُّ، قالوا: حدَّثنا مُسلم بن إِبراهيم قال: حدَّثنا محمَّد بن دِيْنَارٍ عن موسى بن عُبَيْدٍ، عن زِيَادٍ بن جُبَيْرٍ، عن ابن عُمر ☻ : أنَّ النَّبي صلعم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة.
          فإن قيل: قال البيهقيُّ: هذا الحديث ضعيف بمحمد بن دِيْنَاٍر البَصْرِيِّ لِمَا رُوِيَ عن ابن مُعِيْنٍ أنَّه ضعيف.
          فالجواب كما قال العَيْنِيُّ: أنَّ قول البَيْهَقِيِّ هذا لتحامله على أصحابنا، فإنَّه يتشبَّث بما لا يَثْبُتُ. وقد روى أحمد بن أبي خَيْثَمَةَ عن ابن مُعِيْنٍ أنَّه قال: ليس به بأسٌ، وكذا قاله النَّسَائِيُّ. وقال أبو زُرْعَةَ: صدوق. وقال ابنُ عَدِيٍّ: حسن. فإن قيل: حديث جابرٍ ☺ فيه الحَجَّاجُ بن أَرْطَاةٍ، وهو ضعيفٌ.
          فالجواب: أنَّه قال ابن حَبَّانَ: هو صدوق يُكْتَبُ حديثهُ، وقال الذَّهَبِيُّ في «الميزان»: في حديثه لِيْنٌ روى له مُسلم مقروناً بغيره، وروى له الأربعة.
          فإن قيل: حديث ابن عبَّاس ☻ قال فيه البَيْهَقِيُّ: أنَّه عن عِكْرِمَةَ عن النَّبي صلعم مرسلاً.
          فالجواب: أنَّه أخرجه الطَّحَاوِيُّ من طريقين متصلين، وأخرجه البَزَّارُ أيضاً متصلاً ثمَّ قال: ليس في هذا الباب حديث أجلُّ منه إسناداً، فهذه الأحاديث مع اختلاف طُرقها يؤيِّد بعضها بعضاً.
          وتردُّ قول الشَّافعي أنَّه لا يثبت الحديث في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة.
          ثمَّ إنَّ الشَّافعي ومن معه احتجُّوا لِمَا ذهبوا إليه بحديث عبد الله بن عَمرو ☻ أخرجه أبو دَاود: حدَّثنا حفص / بن عمر حدَّثنا حَمَّادُ بن سَلَمَةَ عن محمد بن إسْحَاقَ عن يَزِيْدَ بن أبي حَبِيْبٍ عن مُسلم بن جُبَيْرٍ عن أبي سُفيان عن عَمرو بن حُرَيْشٍ عن عبد الله بن عَمرو ☻ : أنَّ رسول الله صلعم أمره أن يُجَيِّشَ جيشاً فَتَعَدَّتِ الإبلَ، فأمره أن يأخذ على قلائص الصَّدقة، فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصَّدقة. ورواه الطَّحَاوِيُّ أيضاً وفي روايته في قِلَاصِ الصَّدقة.
          والقِلَاصُ _بكسر القاف_ جمع: قُلُص _بضم القاف واللام_ وهو: جمع قلوص، فيكون القلاص جمع الجمع، ويقال: القلوص يجمع على قُلُص وقَلَائِصَ، وجمع: القُلُص قِلَاص والقَلْوُصُ من النُّوق الشَّابة وهي بمنزلة الجارية من النِّساء.
          وأجابوا عنه بأنَّ في إسناده اختلافاً كثيراً، وذكر عبد الغني في «الكمال» في باب الكُنَى أبو سُفيان روى عن عَمرو بن حُرَيْشٍ، وروى عنه مُسلم بن خُبَيْرٍ ولم يذكر شيئاً غير ذلك.
          وقال الذَّهَبِيُّ: في ترجمة عَمرو بن حُرَيْشٍ ما روى عنه سوى أبو سُفيان، ولا يُدْرَى من أبو سفيان.
          وقال الطَّحَاوِيُّ بعد أن رواه: ثُمَّ نسخ ذلك بآية الرِّبا، وبيان ذلك أنَّ آية الرِّبا تحرِّم كُلَّ فضلٍ خال عنِ العِوَض، ففي بيع الحيوان بالحيوان نسيئةً يوجد المعنى الذي حُرِّمَ به الرِّبا، فَنُسِخَ كما نُسِخَ بآية الرِّبا استقراضُ الحيوان؛ لأنَّ النَّص الموجب للحظر يكون متأخراً عن الموجب للإباحةِ، وموجب هذا النَّسخ يكون بدَلالة التَّاريخ فيندفع بهذا قول النَّوَوِيِّ وأمثاله أنَّ النَّسخ لا يكون إلَّا بمعرفة التَّاريخ.
          هذا وقد احتجَّ الأَوْزَاعِيُّ واللَّيثُ ومَالكٌ والشَّافعيُّ وأحمدْ وإسحاق فيما ذهبوا إليه من جواز استقراض الحيوان بالحديث الذي رواه مُسلم وغيره: أنَّ النَّبي صلعم استسلفَ من رجلٍ بكراً فقدمت عليه إبلٌ من إبل الصَّدقة، فأمر أبا رافعٍ أن يقضيَ الرَّجل بكرة، فرجعَ إليه أبو رافع فقال: لم أَجِدْ فيها إلَّا جملاً خياراً رباعياً، فقال: ((أعطه إيَّاه إنَّ خِيار النَّاس أحسنهم قضاء)) قالوا: وهو حجَّة على من منع ذلك.
          وأجاب المانعون عن ذلك بأنَّه منسوخ بآية الرِّبا بالوجه الذي ذُكِرَ آنفاً، ومع هذا ليس فيه إلَّا الثَّناء على من أحسنِ القضاء فأطلقَ ذلك ولم يقيِّده بصفة، ولم يكن ذلك بشرط الزِّيادة، وقد أجمع / المسلمون بالنَّقل عن النَّبي صلعم أنَّ اشتراط الزِّيادة في السَّلف ربا، وكذلك أجابوا عن كلِّ حديث يشبه حديث أبي رافع بأنَّه كان قبل آية الرِّبا.
          وعن هذا قال أبو حنيفة وأصحابه وفقهاء الكوفة والثَّوري والحسن بن صالح: إنَّ استقراض الحيوان لا يجوز، ولا يجوز الاستقراض إلَّا بما له مِثْلٌ كالمكيلات والموزونات والمعدودات المتقاربة، فلا يجوز قرض ما لا مِثْلَ له مِثْلُ المزروعات والعدديَّات المتفاوتة؛ لأنَّه لا سبيل إلى إيجاب ردِّ العين ولا إلى إيجاب القيمة لاختلاف تقويم المقوِّمين، فتعيَّن أن يكون الواجبُ فيه رد المثل فيختصُّ جوازه بما له مِثُلٌ.
          وعن هذا قال أبو حنيفة وأبو يوسف: لا يجوزُ القرض في الخبزِ ولا وزناً ولا عدداً، وقال محمَّد: يجوز عدداً.
          (وَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ ☻ رَاحِلَةً) هي ما أمكنَ ركوبها من الإبلِ ذكراً أو أنثى.
          وقال ابنُ الأَثِيْرِ: الرَّاحلة من الإبل البعير القويُّ على الأسفارِ والأحمال، والتاء فيه للمبالغة يستوي فيه الذَّكر والأنثى، وهي التي يختارها الرَّجل لمركبه ورحله على النَّجابة وتمام الخلق وحسن المنظر، فإذا كانت في جماعة الإبل عرفت.
          (بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ) جمع: بعير، ويجمع أيضاً على بعران، وهو أيضاً يقع على الذَّكر والأنثى (مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ) صفة راحلة؛ أي: تكون في ضمان البائع (يُوفِيهَا صَاحِبَهَا) أي: يسلِّمها للمشتري (بِالرَّبَذَةِ) بفتح الراء والموحدة والمعجمة وفي آخره تاء، قريةٌ معروفةٌ قرب المدينة بها قبرُ أبي ذرٍّ الغفاريِّ ☺. وقال ابن قُرْقُول: هي على ثلاثة مراحل من المدينة قريب من ذاتِ عرقٍ، وقال القُرْطُبِيُّ: ذاتُ عرق ثنيَّةٌ أو هضبةٌ بينها وبين مكة يومان وبعض يوم.
          وقال الكرْمَانِيُّ: ذات عرق أوَّل بلاد تُهَامَة، وهذا التَّعليق وصله مالكٌ في «الموطأ» والشَّافعي عن مالك. وروى ابنُ أبي شَيْبَةَ من طريق ابنِ بِشْرٍ عن نَافِعٍ: أنَّ ابن عمرو ☻ اشترى ناقةً بأربعة أبعرة بالرَّبذة، فقال لصاحب النَّاقة: اذهبْ فانظر، فإن رضيتَ فقد وجبَ البيع.
          ففيه بيعُ الحيوان بالحيوان، / وأُجِيْبَ عن هذا بأنَّ ابن أبي شَيْبةً روى عن ابن عُمر ☻ خلاف ذلك فقال: حدَّثنا ابن أبي زَائِدَةَ عن ابن عَوْنٍ عن ابن سِيْرِيْنَ: قلت لابن عُمر ☻ : البعير بالبعيرين إلى أجل، فكَرهه.
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ☻ : قَدْ يَكُونُ الْبَعِيرُ خَيْراً مِنَ الْبَعِيرَيْنِ) وهذا التَّعليق وصله الشَّافعي قال: أنا ابن عُلَيَّةَ عن ابن طَاوُسَ عن أبيه عن ابن عَبَّاس ☻ أنَّه سئل عن بعير ببعيرين فقال: قد يكون البعير خيراً من البعيرين.
          قال العَيْنِيُّ: فإن اسْتَدَلَّ به مَنْ يجوز بيع الحيوان بالحيوان، فلا يتمُّ الاستدلال به؛ لأنَّه يحتمل أنَّه كرهه لأجل الفضل الذي ليس في مقابلته شيء انتهى. فليُتَأمل فيه.
          (وَاشْتَرَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ) بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال المهملة في آخره جيم، الأنصاريُّ الحَارِثِيُّ (بَعِيراً بِبَعِيرَيْنِ فَأَعْطَاهُ أَحَدَهُمَا) أي: أحد البعيرين (وَقَالَ: آتِيكَ بِالآخَرِ غَداً رَهْواً إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) قوله: رَهْواً _بفتح الراء وسكون الهاء_ وهو في الأصل السَّير السَّهل، والمراد به هنا: أنا آتيك به سهلاً بلا شِدَّةٍ ولا مُماطلة، أو أنَّ المأتيَّ به يكون سهل السَّير رفيقاً غير خشنٍ، وانتصابه على التَّفسير الأول على أنَّه صفة لمصدرٍ محذوفٍ؛ أي: أنا آتيك به إتياناً رَهْواً، وعلى الثَّاني على أنَّه حال عن قوله بالآخر.
          وهذا التَّعليق وصلهُ عبد الرَّزاق في «مصنفه» فقال: أخبرنا مَعْمَرٌ عن بُدَيْلٍ العُقَيْلِيِّ، عن مُطَرِّفٍ بن عبد الله بن الشِّخِّيْرِ أنَّ رَافِعَ بنَ خَدِيْجٍ اشترى فذكره.
          (وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ) هو: سَعِيدُ بن المُسَيَّبِ من كبار التَّابعين (لاَ رِبَا فِي الْحَيَوَانِ: الْبَعِيرُ بِالْبَعِيْرَيْنِ) أي: يباع البعير بالبعيرين (وَالشَّاةُ بِالشَّاتَيْنِ إِلَى أَجَلٍ) فقوله: ((لا ربا في الحيوان)) وصله مالكٌ عن ابن شهاب عنه: لا ربا في الحيوان، والباقي وصله ابنُ أبي شَيْبَةَ من طريق آخر عن الزُّهْرِيِّ عنه: لا بأس بالبعير بالبعيرين نسيئةً، ورواه عبد الرَّزاق في «مصنفه»: حدَّثنا مَعْمَرٌ عن الزُّهْرِيِّ سُئل سَعِيدٌ فذكره.
          (وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ) هو: محمَّدُ بن سيرين من كبار التَّابعين عالم عبارة الرُّؤيا / (لاَ بَأْسَ بَعِيرٌ بِبَعِيرَيْنِ وَدِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ نَسِيئةً) كذا هو في معظم الرِّوايات، وفي بعضها: ((ودرهم بدرهمين نسيئة)).
          قال ابن بَطَّالٍ وتبعه الحافظُ العَسْقَلَانِيُّ: هذا خطأٌ، والصَّواب: درهم بدرهم، وقد وصله عبد الرَّزاق عن مَعْمَرٍ عن قَتَادَةَ عن أَيُّوبَ عن ابن سِيْرِيْنَ بلفظ: لا بأس بعير ببعيرين ودرهم بدرهم نسيئةً، فإن كان أحدُ البعيرين نسيئة فهو مكروهٌ. وروى سَعِيدُ بن مَنْصورٍ من طريق يُونس عنه: أنَّه كان لا يرى بأساً بالحيوان يداً بيد والدَّراهم نسيئةٌ، ويكره أن تكون الدَّراهم نقداً، والحيوان نسيئةً.
          ومطابقة هذه الآثار كلها للتَّرجمة ظاهرةٌ لا تحتاج إلى بيان.