نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: اللهم صل على آل فلان

          1497- (حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ) بضم العين الحوضي، قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) هو: ابن الحجَّاج (عَنْ عَمْرٍو) بفتح العين وسكون الميم، هو ابن مُرَّة، بضم الميم وتشديد الراء، ابن عبد الله بن طارق المرادي، وقد مرَّ في تسوية / الصُّفوف [خ¦717] (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى) بفتح الهمزة وسكون الواو وفتح الفاء مقصوراً، واسمه: علقمة بن خالد بن الحارث الأسلمي المدني، وهو وكذا أبوه، أبو أوفى، من أصحاب بيعة الرُّضوان.
          رُوِيَ له خمسة وتسعون حديثاً، للبخاري خمسة عشر، وهو آخر من بقي من أصحابه بالكوفة، مات سنة سبع وثمانين، وهو أحد الصَّحابة السبعة الذين أدركهم أبو حنيفة ورآهم، وكان مولد أبي حنيفة سنة ثمانين فكان عمره سبع سنين سنة التَّمييز والإدراك. وقيل: مولده سنة إحدى وستين وقيل: سنة سبعين، والأوَّل أصح وأشهر، وفي المغازي عند المؤلف: سمعت ابن أبي أوفى ☻ [خ¦4166].
          (قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلعم إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ) أي: بزكاة أموالهم (قَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى فُلاَنٍ) أي اغفر له وارحمه، وفي رواية: <على آل فلان> يريد به نفسه؛ لأنَّ الآل يُطلق على ذات الشَّيء أيضاً كما قال صلعم في قصة أبي موسى الأشعري ☺: ((لقد أوتي مزماراً من مزامير آل داود)) يريد به داود ◙، قيل: ولا يقال ذلك إلا في حق الرَّجل الجليل القدر كآل أبي بكر وآل عمر ☻ ، وقيل: آل الرجل أهلُه، والفرق بين الآل والأهل أنَّ الآل قد خُصَّ بالأشراف فلا يقال: آل الحائك، ولا آل الحجَّام. فإن قيل: قد قيل: آل فرعون، فالجواب: أنه لتصوره تصوُّر الأشراف، وفي «الصحاح»: أصل آل: أول، وقيل: أهل، بدليل تصغيره على أهيل.
          (فَأَتَاهُ أَبِي) أبو أوفى (بِصَدَقَتِهِ، فَقَالَ) صلعم (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى) يريد به أبا أوفى كما تقدَّم، وهذا امتثالٌ منه صلعم لقوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة:103].
          واحْتَجَّ بهذا الحديث مَن جَوَّزَ الصَّلاة على غيرِ الأنبياء ╫ بالاستقلال، وهو قول أحمد.
          وقال أبو حنيفة وأصحابه ومالك والشَّافعي وغيرهم: إنه لا يُصلَّى على غير الأنبياء ╫ استقلالاً لكونه شعاراً لهم إذا ذكروا فلا يلحق غيرهم بهم فلا يقال: أبو بكر صلعم وإن صحَّ المعنى، ولكن يصلَّى عليهم تبعاً، وهذا كما أنَّ ╡ مخصوصٌ بالله تعالى فلا يقال: محمد ╡ وإن كان عزيزاً جليلاً في ذاته لكونه من شعارِ ذكر الله تعالى، واختلفوا فيه هل هو حرامٌ أو مكروهٌ أو خلافُ / أدب؟
          قال الكِرماني: الصَّحيح هو الأول، وقال النَّووي: الصَّحيح الذي عليه الأكثرون أنه يُكره كراهة تنزيه، والجواب عن الحديث: أنه من خصائصه صلعم فإنه حقُّه، فله أن يُعطيه من شاء، وليس لغيره ذلك.
          ولقد أغربَ من قال: يدعو آخذُ الصدقة للمتصدِّق بهذا الدعاء لهذا الحديث، فهو غريب جداً.
          وهذا الحديث أخرجه المؤلِّف في المغازي [خ¦4166]، والدعوات أيضاً [خ¦6332]، وأخرجه مسلم في الزكاة، وكذا أبو داود والنَّسائي وابن ماجه.