نجاح القاري لصحيح البخاري

باب العفو في الخطأ بعد الموت

          ░10▒ (بابُ الْعَفْوِ فِي الْخَطَأ بَعْدَ الْمَوْتِ) أي: عفو وليِّ المقتول عن القاتل في القتل الخطأ بعد موت المقتول، وليس المراد عفو المقتول؛ لأنَّه محالٌ، وإنَّما قيَّده بما بعد الموت؛ لأنَّه لا يظهر أثره إلَّا فيه إذ لو عفا المقتول ثمَّ مات لم يظهر لعفوه أثرٌ؛ لأنَّه لو عاش تبيَّن أنَّه لا شيءَ له يعفو عنه.
          وقال ابن بطَّال: أجمعوا على أنَّ عفو الوليِّ إنَّما يكون بعد موت المقتول، وأمَّا قبل ذلك فالعفوُّ للقتيل خلافًا لأهل الظَّاهر فإنَّهم أبطلوا عفو القتيل. وحجَّة الجمهور: أنَّ الولي إنَّما قام مقام المقتول في طلب ما يستحقُّه، فإذا جُعِلَ له العَفْوُ كان ذلك للأَصيل أولى.
          وقد أخرج أبو بكر ابن أبي شيبة من مرسل قتادة: أنَّ عروة بن مسعودٍ لمَّا دعا قومَه إلى الإسلام فرُمِيَ بسهمٍ، فقيل: عفا عن قاتله قبل أن يموتَ فأجاز النَّبي صلعم عفوه.