المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

حديث: أن رسول الله ركب على حمار على قطيفة فدكية

          1486- وحدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني عروة: أن أسامة بن زيد أخبره: أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ركب على حمار على قطيفة فدكية، وأردف أسامة بن زيد وراءه يعود سعدَ بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر، قال: حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي ابن سلول، وذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أُبي، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفي المجلس عبد الله بن رواحة فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة؛ خَمَّرَ عبد الله بن أبي أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبروا(1) علينا، فسلم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عليهم، / ثم وقف، فنزل فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أبي ابن سلول: أيها المرء؛ إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقًّا، فلا تؤذنا به في مجالسنا(2)، ارجع إلى رحلك فمن جاءك؛ فاقصص عليه، فقال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله؛ فاغشنا به في مجالسنا فإنا نحب ذلك، فاستبَّ المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا أن يتثاوروا.
          وقال أنس: فلما أتاه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: إليك عني، والله لقد آذاني نتن حمارك، فقال رجل من الأنصار منهم: والله لحمار رسول الله أطيب ريحًا منك، فغضب لعبد الله رجل من قومه فشتما، فغضب لكل واحد منهما أصحابه، فكان بينهما ضرب الجريد(3) والأيدي والنعال.
          قال الزهري: فلم يزل النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يخفضهم حتى سكتوا، ثم ركب النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم دابته، فسار حتى دخل على سعد بن عبادة فقال له النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «أيا(4) سعد؛ ألم تسمع إلى ما قال أبو حباب؟»_ يريد عبد الله بن أُبي_ «قال: كذا وكذا». قال سعد بن عبادة: يا رسول الله؛ اعف عنه واصفح عنه، فو الذي أنزل عليك الكتاب؛ لقد جاء الله بالحق الذي نزل عليك، ولقد اصطلح أهل هذه البحرة على أن يتوجوه فيعصبوه بالعصابة، فلما أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك؛ شَرِقَ بذلك، فذلك فعل به ما رأيت، فعفا عنه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم
          وكان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله، ويصبرون على الأذى، قال الله: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا...}الآية [آل عمران:186]،وقال الله عزَّ وجلَّ: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا...} إلى آخر الآية [البقرة:109].
          وكان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يتأول في العفو ما أمر(5) الله به حتى أذن الله فيهم، فلما غزا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بدرًا فقتل الله به صناديد قريش _أي: كفار قريش_ قال ابن أُبي ابن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان: هذا أمرٌ قد توجَّه فبايعوا لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على الإسلام، فبايعوه فأسلموا.
          قال معتمر في حديث أنس: فبلغنا أنها نزلت: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا...} الآية [الحجرات:9].[خ¦4566]
          وخرَّجه في باب الردف على الحمار، وفي باب التسلم في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين، وفي باب كنية المشرك، وفي باب قوله عزَّ وجلَّ: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ...} الآية[آل عمران:186]، وفي باب عيادة المريض راكبًا وماشيًا وردفًا على الحمار، وكتاب اللباس، باب الارتداف على الدابة. [خ¦2987] [خ¦6254] [خ¦6207] [خ¦4566] [خ¦5663] [خ¦5964]


[1] في الأصل: (تغير)، والمثبت موافق لما في «الصحيح».
[2] كذا في الأصل، وهي رواية أبي ذرٍّ، وفي «اليونينية»: (تؤذينا به في مجلسنا).
[3] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (بالجريد).
[4] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (أي).
[5] كذا في الأصل، وفي «اليونينية»: (أمره).