مناسبات أبواب صحيح البخاري بعضها لبعض

المناسبات من كتاب الاعتصام إلى آخر الصحيح

          وكان الاعتصامُ في الأَحكام وغيرِها بكتاب الله تعالى وسُنَّة نبيِّه صلعم ؛ فقال: (كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة)، ثم: (باب قول النَّبيِّ صلعم : «بُعِثتُ بجَوَامع الكَلِم»)، ثم: (باب الاقتداء بسُنَن رسول الله صلعم ، وقول الله تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان:74])، ثم: (باب ما يُكرَه مِن كَثرة السُّؤال، وتَكلُّف ما لا يَعنِيه، وقول الله تعالى: / {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة:101])، ثم: (باب الاقتداء بأفعال النَّبيِّ صلعم ).
          ثم: (باب ما يُكرَه مِن التعَمُّق، والتَّنازُع في العِلم، والغُلُوِّ في الدِّين، والبِدَع وقوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء:171])، ثم: (باب إِثم مَن آوَى مُحْدِثًا)، ثم: (باب ما كان النَّبيُّ صلعم يُسأَل ممَّا لم يُنْزَل عليه الوحيُ فيقول: «لا أَدري»، ولم يُجِب حتى يُنزَل عليه الوحيُ، ولم يَقُلْ برأيٍ ولا بقِيَاسٍ؛ لقوله تعالى: {بِمَا أَرَاكَ اللهُ} [النساء:105])، ثم: (باب تعليم النَّبيِّ صلعم أمَّتَه من الرجال والنساء ممَّا عَلَّمه اللهُ، ليس برأيٍ ولا تَمثيلٍ)، ثم: (باب قول النَّبيِّ صلعم : «لا تَزال طائفةٌ مِن أمَّتي ظاهِرين على الحقِّ»؛ وهُم أهلُ العِلم)، ثم: (باب مَن شَبَّه أصلًا مَعلومًا بأصلٍ مُعَيَّنٍ، قد بَيَّن اللهُ حُكمَهما؛ ليُفهِمَ السَّائلَ)، ثم: (باب ما جاء في اجتهاد القضاء بما أَنزَل اللهُ تعالى؛ لقوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة:45]).
          ثم: (باب قول النَّبيِّ صلعم : «لَتَتَّبِعُنَّ سُنَنَ مَن كان مِن قَبلِكم»)، ثم: (باب [إِثم] مَن دَعا(1) إلى ضَلالةٍ، أو سَنَّ سُنةً [سيِّئةً]؛ لقوله تعالى: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل:25])، ثم: (باب ما ذَكر النَّبيُّ صلعم وحَضَّ على اتَّفاق أهل العلم، وما اجتَمَع عليه الحَرَمان: مكَّةُ والمدينةُ، وما كان بها؛ مِن مَشَاهد النَّبيِّ صلعم والمهاجرين والأنصار، ومُصلَّى النَّبيِّ صلعم )، ثم: (باب قوله تعالى: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران:128])، ثم: (باب {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف:54]، وقوله: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت:46])، ثم: (باب {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة:143]، وما أَمَر النَّبيُّ صلعم بلُزُوم الجماعة؛ وهُم أهلُ العِلم)، ثم: (باب إذا اجتَهَد العالِمُ _أو الحاكِمُ_ فأخطأَ خِلافَ الرَّسول من غير عِلمٍ؛ فحُكمُه / مَردودٌ)، ثم: (باب أَجر الحاكم إذا اجتَهَد فأصاب أو أخطأ)، ثم: (باب الحُجَّة على مَن قال: إنَّ أحكامَ النَّبيِّ صلعم كانت ظاهرةً، وما كان يَغيب بعضُهم مِن مَشَاهد النَّبيِّ صلعم وأمورِ الإسلام)، ثم: (باب مَن رأى تَركَ النَّكير من قول النَّبيِّ صلعم حُجَّةً، لا مِن غير الرَّسول).
          ثم: (باب الأَحكام التي تُعرَف بالدَّلائل، وكيف مَعنى الدَّلالة، وكيف تفسيرُها؟)، ثم: (باب قول النَّبيِّ صلعم : «لا تَسألوا أهلَ الكِتَاب عن شيءٍ»)، ثم: (باب قول الله ╡ : {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشُّورى:38]، {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران:159]، وأنَّ المُشاوَرةَ قَبل العَزم والتَّبيين؛ لقوله: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ} [آل عمران:159])، ثم: (باب: نَهيُ النَّبيِّ صلعم عن التَّحريم، إلَّا ما تُعرَف إباحَتُه، وكذلك أَمْرُه)، ثم: (باب كَراهية الاختلاف).
          ولمَّا انقضت تراجمُ (الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة)، وكان أصلَ العِصمة أوَّلًا وآخِرًا توحيدُ الله تعالى؛ فخَتَم كتابَه بكتاب (التَّوحيد)، فمَن خُتم له بالتَّوحيد؛ فهو السَّعيدُ؛ فقال: (كتاب التَّوحيد)، (باب ما جاء في دعاء النَّبيِّ صلعم أمَّتَه إلى توحيد الله ╡ )، ثم: (باب قول الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء:110])، ثم: (باب قول الله تعالى: {إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذَّاريات:58])، ثم: (باب قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} [الجن:26])، ثم: (باب قوله تعالى: {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ} [الحشر:23])، ثم: (باب قوله تعالى: {مَلِكِ النَّاسِ} [الناس:2])، ثم: (باب قول الله تعالى: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [العنكبوت:42]، {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصَّافات:180-182]، {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ} [المنافقون:8]، ومَن حَلَف بعزَّة(2) الله وسُلطانه)، ثم: (باب قول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} [الأنعام:73])، ثم: / (باب {وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء:134])، ثم: (باب {هُوَ الْقَادِرُ} [الأنعام:65])، ثم: (باب مُقَلِّب القلوب).
          ثم: (باب «إنَّ لله مائةَ اسمٍ إلَّا واحدًا»)، ثم: (باب السُّؤال بأسماء الله تعالى، والاستعاذة بها)، ثم: (باب ما يُذكَر في الذَّات والنُّعُوت، وأساميِّ الله تعالى)، ثم: (باب قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ} [آل عمران:28]، وقوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة:116])، ثم: (باب قول الله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:88])، ثم: (باب قول الله تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه:39]، وقوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر:14])، ثم: (باب قوله تعالى: {هُوَ الله الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر:24])، ثم: (باب قوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:75])، ثم: (باب قول النَّبيِّ صلعم : «لا شَخْصَ أَغْيَرُ مِن الله»)، ثم: (باب {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللهُ} [الأنعام:19]، فسَمَّى اللهُ نفسَه شيئًا، وسَمَّى النَّبيُّ صلعم القرآنَ شيئًا بقوله: «هَل مَعَك من القرآن شيءٌ؟»، وهو صِفةٌ من صِفات الله تعالى، فقال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:88]).
          ثم: (باب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود:7]، {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة:129])، ثم: (باب قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج:4]، وقوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر:10])، ثم: (باب قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ. إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:22-23])، ثم: (باب ما جاء في قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف:56]).
          ثم: (باب قول الله تعالى: {إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [فاطر:41])، ثم: (باب ما جاء في خَلْق السَّموات والأرض وغيرِها من الخلائق)، ثم: (باب {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} [الصَّافات:171])، ثم: (باب قول الله تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}(3) [النحل:40])، ثم: (باب قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} إلى قوله: {وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف:109]، وقوله: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ} [لقمان:27]، {إِنَّ ربَّكُمُ الله الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ} الآية [الأعراف:54]) / ، ثم: (باب في المَشيئة والإرادة).
          ثم: (باب قول الله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ:23])، ثم: (باب كلام الرَّبِّ تعالى مع جِبريل، ونِداء الله الملائكةَ)، ثم: (باب قوله: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ} [النِّساء:166])، ثم: (باب قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللهِ} [الفتح:15])، ثم: (باب كلام الرَّبِّ تعالى مع الأنبياء وغيرِهم يومَ القيامة)، ثم: (باب ما جاء في قوله تعالى: {وَكَلَّمَ الله مُوسَى تَكْلِيمًا} [النِّساء:164])، ثم: (باب كلام الرَّبِّ تعالى مع أهل الجنَّة).
          ثم: (باب ذِكر الله تعالى بالأَمْر، وذِكر العِبَاد(4) بالدُّعاء والتضَرُّع، والرِّسالة والبَلاغ؛ لقوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة:152])، ثم: (باب قول الله تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة:22]، {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [فصلت:9])، ثم: (باب قوله تعالى: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ} الآية [فصلت:22])، ثم: (باب قول الله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن:29]، {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء:2]، وقول الله تعالى: {لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق:1]، وأنَّ حديثَه لا يُشبِه حديثَ المخلوقين؛ لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشُّورى:11]).
          ثم: (باب قول الله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} [القيامة:16]، وفِعْل النَّبيِّ صلعم حينَ يُنَزَّل عليه الوحيُ)، ثم: (باب قول الله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ. أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:13-14])، ثم: (باب قول النَّبيِّ صلعم : «رجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ، فهو يَقوم به آناءَ اللَّيل وأطرافَ النَّهار»)، ثم: (باب قول الله ╡ : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة:67])، ثم: (باب {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران:93 / وقول النَّبيِّ صلعم : «أُعطِيَ أهلُ التَّوراةِ التَّوراةَ فعَمِلوا بها، وأُعطِي أهلُ الإِنْجِيلِ الإنجيلَ فعَمِلوا به»)، ثم: (باب وَسَمَّى النبيُّ صلعم الصلاةَ عَمَلًا)، ثم: (باب {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} [المعارج:19])، ثم: (باب ذِكر النَّبي صلعم وروايَته عن رَبِّه)، ثم: (باب ما يَجوز [مِن] تفسير التوراة وكُتُب الله بالعَرَبيَّة)، ثم: (باب قول النَّبي صلعم : «الماهِرُ بالقرآن مع السَّفَرة الكِرَام البَرَرة»)، ثم: (باب {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل:20])، ثم: (قول الله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر:17])، ثم: (باب قول الله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ. فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج:21-22]).
          ثم: (باب قول الله تعالى: {وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات:96]، {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر:49]، ويُقال للمُصوِّرين: أَحْيُوا ما خَلَقتُم)، ثم: (باب قول الفاجِر أو المُنافِق، وأصواتهم، وتِلاوتهم لا تُجاوِز حَنَاجرَهم).
          وكان آخِرُ الأمورِ التي يَظهَر بها المُفلِحُ من الخاسر: ثِقَل المَوَازين وخِفَّتُها، فجَعله آخرَ تراجم كتابِه؛ فقال: (باب قول الله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء:47]، وأنَّ أعمالَ بني آدم وقولَهم يَوزَن)، فبَدأ بحديث: «إنَّما الأعمالُ بالنيَّات»، وخَتَم بحديثٍ يقتضي أنَّ أعمالَ بني آدم تُوزَن، وأشار بذلك إلى أنَّه إنَّما يَثقُل منها ما كان بالنيَّة الخالصة لله تعالى؛ وهو حديث: «كَلِمتان حَبيبَتان إلى الرحمن، خَفيفتان على اللِّسان، ثقيلتان في الميزان: سبحانَ الله وبحمده، سبحان الله العظيم».
          وقوله: (كلمتان)؛ فيه تَرغيبٌ وتخفيفٌ.
          وقوله: (حبيبتان إلى الرحمن)؛ فيه حَثٌّ على ذِكْرهما؛ لِمَحبَّة الرحمن إيَّاهما.
          وقوله: (خفيفتان على اللسان)؛ فيه حَثٌّ بالنسبة إلى ما يتعلَّق بالعَبْد.
          وقوله: (ثقيلتان في الميزان)؛ فيه إظهارُ ثوابِهما.
          وجاء الترتيبُ في الحديث على أسلوبٍ عظيمٍ؛ وهو أنَّ حُبَّ الرَّبِّ سابقٌ، / وذِكرُ العَبد، وخِفَّةُ الذِّكر على لسانِه مُتأخِّرٌ، وبعدَ ذلك: ثوابُ هاتين الكلمتين يومَ القيامة، وهاتان الكلمتان، معناهما جاء في خِتَام دعاء أهل الجنَّة؛ قال سبحانه وتعالى: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس:10]، وهاتان الكلمتان يُبنَيَان على الكلمة التي قَبلَهما: كلمةِ التَّوحيد، وهي الكلمةُ الطَّيِّبةُ، الثَّابتُ أصلُها، العالي فرعُها، المُستَمِرُّ نفعُها في كلِّ حينٍ من الأحيان، مَبدَؤُها يومَ القيامة إلى نعيم الجِنَان، وذلك مستمِرٌّ على الدَّوام للمَلِك الدَّائم العَلاَّم، وذلك هو الذي يَقع في القُبور السَّؤالُ عنه، والكلمة هي: لا إله إلا الله، وهو الحَقُّ الأعظم؛ لذلك تَميل بالسِّجِلَّات، بل بالأرض والسَّموات، ويَليها الشَّهادةُ بالرِّسالة للمبعوث لجميع العالمين؛ سيِّدنا محمَّدٍ خاتم الأنبياء والمرسلين، عليه أفضل الصَّلاة والتَّسليم، وأعظم البركات والتَّكريم.
          اللَّهمَّ صلِّ على محمَّدٍ، وعلى آل محمَّدٍ؛ كما صلَّيت على إبراهيمَ، وعلى آل إبراهيمَ، وبارك علينا معهم؛ كما باركت على إبراهيمَ وآل إبراهيم، في العالمين، إنَّك حميدٌ مجيدٌ، والسَّلام عليك أيُّها النَّبيُّ ورحمة الله وبركاته.
          اللَّهمَّ صلِّ على محمَّدٍ، وعلى آل سيِّدنا محمَّدٍ، كلَّما ذَكرك الذَّاكرون، وكلَّما غَفَل عن ذِكرك الغافلون، وسلِّم تسليمًا كثيرًا، واجعل لنا من توفيقك هاديًا، وتأييدك نصيرًا.
          آمين، والحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا محمَّدٍ، وعلى آل سيِّدنا محمَّدٍ، والتَّابعين. /


[1] في الأصل: ((عاد)).
[2] في الأصل: ((بغير)).
[3] في الأصل: ((أمرنا))، وليس بصحيحٍ.
[4] في الأصل: ((العبادة)).