المتواري على أبواب البخاري

باب الاستثناء في الأيمان

          ░9▒ باب الاستثناء في اليمين
          313- فيه أبو موسى: «أتيت النبي صلعم في رهط(1) من الأشعريين أستحمله، فقال: والله لا أحملكم(2) (وما عندي ما أحملكم)، ثم لبثنا(3) ما شاء الله، ثم أُتِي بإبل، فأمر لنا بثلاث ذَوْد فقلنا: لا يبارك لنا، فأتينا النبي صلعم فأخبرناه، فقال: ما أنا حملتكم بل الله حملكم، وأنا إنْ شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كَفَّرت عن يميني وأتيت الذي هو خير، (أو أتيت الذي هو خير)(4) وكفرت عن يميني». [خ¦6718].
          314- وفيه أبو هريرة: «قال سليمان: لأطوفنَّ الليلة على تسعين امرأة كلهن(5) تلد غلاماً يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه _يعني المَلَك_ قل: إن شاء الله، فنَسِي، فلم تأت(6) (امرأة) منهن (بولد) إلا واحدة جاءت بشقِّ غلام، فقال أبو هريرة يرويه: لو قال: إن شاء الله لم يَحْنَث، وكان دَرَكاً له في حاجته، وقال مرَّة: قال النبي صلعم : لو استثنى». [خ¦6720].
          [قلتَ رضي الله عنك:] ترجم على الاستثناء في اليمين، وليس في حديث أبي موسى إلا قوله صلعم : «وإني إن شاء الله»، وهذه ليست بيمين، وأما حديث سليمان ◙ ففيه: «لأطوفنَّ»، وهذا وإن لم يكن فيه يمين لكن(7) فيه ما يتعين أن يكون جواب قسم، وكأنَّ البخاريَّ يقول: إذا استُثنِيَ من الأخبار فكيف لا يُستثنَى من الأخبار المؤكَّدة بالقسم وهو أحوج للتفويض إلى المشيئة؛ لأنَّه أدخلُ في التألِّي على الله(8) بالغيب المستقبل، والله أعلم.
          وفي حديث سليمان (◙)(9) لطيفة تدل على أنَّ الفصل(10) اليسير بين اليمين والاستثناء لا يضر؛ لأنه قال: «فقال له الملك: قل: إن شاء الله، فنَسِي»، فمقتضى هذا أنه لو قالها لاعتُبِر استثناؤه، وذلك مع الفصل بقول الملك بين اليمين والاستثناء(11)، لكن(12) المذهب الصحيح / عند العلماء اشتراط الاتصال في الاستثناء، فيحمل على أنَّ الملك قال له ذلك خلال يمينه، بحيث لو لم ينس لكان الاستثناء متصلاً، ففيه دليل على أنَّ حدوث نية الاستثناء خلال اليمين كاف، وهو الصحيح عند مالك؛ لأنَّا لا نعتبر(13) مقارنة النية لأول اليمين، بل لو حدثت متصلة بآخر جزء منها (جاز و)(14) اعتبر، والله أعلم.


[1] في (ع): «نفر».
[2] في الأصل: «ما أحملكم».
[3] في (ت) و(ع): «فلبثنا».
[4] ليست في (ت).
[5] في (ت): «كلهم».
[6] في (ت) و(ع): «يأت».
[7] في (ع): «ولكن».
[8] في (ت) و(ع): «الله تعالى».
[9] ليست في (ع).
[10] في (ت): «الفضل».
[11] في (ت): «وبين الاستثناء».
[12] في (ع): «ولكن».
[13] في الأصل: «لأنا نعتبر».
[14] ليست في (ع).