المتواري على أبواب البخاري

باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله

          ░53▒ باب من أجاب السَّائل أكثر ممَّا سأله (عنه)
          25- فيه ابن عمر: «أنَّ رجلاً سأل النَّبيَّ صلعم : ما يلبس المحرم؟ فقال: لا يلبس القميص، ولا العِمَامة، ولا السَّراويل، ولا البُرْنُس، ولا ثوباً مسَّه الزعفران ولا الورس، فإن لم يجد النَّعلين فليلبس الخُفَّين وليقطعهما حتَّى يكونا تحت الكعبين». [خ¦134].
          [قال الفقيه وفقه الله تعالى:] رحمةُ الله على البخاريِّ لقد أمعن(1) في استنباط جواهر الحديث التي خفيت على كثير.
          وموقع هذه التَّرجمة من الفوائد: التَّنبيه على أنَّ مطابقة الجواب للسَّائل(2) حتَّى لا يكون الجواب عامّاً والسُّؤال خاصّاً غير لازمٍ، فيوجب ذلك حمل اللَّفظ العامِّ الوارد على سبب خاصٍّ على عمومه، لا على خصوص السَّبب؛ لأنَّه جوابٌ وزيادة فائدةٍ، وهو المذهب الصَّحيح في القاعدة.
          ويؤخذ منه أيضاً: أنَّ المفتي إذا سُئل عن واقعةٍ واحتمل عنده أن يكون السَّائل يتذرَّع بجوابه إلى أن يُعَدِّيَه(3) إلى غير محلِّ السُّؤال وجب عليه أن يفصِّل جوابه، وأن يزيده بياناً، وأن يذكر مع الواقعة(4) ما يتوقَّع التباسه بها، ولا يُعَدُّ ذلك تعديّاً بل تحريّاً، وكثيرٌ من القاصرين يدفع بما لا ينفع، ويأتي بالجواب أبتر تسرُّعاً لا تورُّعاً.
          والزيادة في الحديث بقوله: «فإن لم [يجد](5) النعلين...» إلى آخره، والله أعلم.


[1] في (ع): «أنه معن».
[2] في (ت) و(ع): «للسؤال».
[3] في (ت): «يعذبه».
[4] في (ع): «الوقعة».
[5] سقطت من (ز)، وفي (ت): «تجد».