المتواري على أبواب البخاري

باب بركة الغازي في ماله حيًا وميتًا مع النبي وولاة الأمر

          ░13▒ باب بركة الغازي في ماله حياً وميتاً مع النبي صلعم وولاة الأمر
          218- فيه ابن الزبير: «لمَّا وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمتُ إلى جنبه فقال: يا بني، إنه لا يُقْتل اليوم إلَّا ظالم أو مظلوم، وإنّي لا أراني إلا سأُقْتل اليوم مظلوماً، وإنَّ من أكبر همِّي لدَيْني، أَفَتُرَى دينُنا يُبقي من مالنا شيئاً؟ فقال(1): يا بُنيَّ، بع مالنا واقض ديني، وأوصى بالثُّلث، وثلثه لبَنِيه _يعني عبدَ الله(2) بن الزبير_ يقول: ثُلُثُ الثلث، فإن فَضَل من مالنا شيء بعد قضاء الدين فثلثه لوَلَدك، (قال هشام): وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير_خُبيب وعباد_وله يومئذ تسعة(3) بنين وتسع بنات، قال عبد الله: فجعل يوصيني بدَيْنه(4) ويقول: يا بُنيَّ، إنْ عَجَزْت عن شيء منه فاستعن (عليه) مولاي، قال: فو الله ما دريت ما أراد حتى قلت (له): يا أبتِ، من مولاك؟ قال: الله، (قال)(5): فوالله ما وقعت في كربة من دَينٍ إلا قلت: يا مولى الزُّبير، اقض عني(6) دينه فيقضيه، فقُتِلَ الزُّبيرُ ولم يَدَع ديناراً ولا درهماً إلا أرَضين، منها الغابة وإحدى عشرة داراً بالمدينة، ودارين بالبصرة، وداراً بالكوفة، وداراً بمصر، وإنَّما كان دَيْنُهُ الذي عليه أنَّ الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إيَّاه، فيقول الزبير: لا ولكنه سلف، فإنِّي أخشى عليه الضَّيعة، وما وَلِيَ إمارة(7) قطُّ، ولا جبايةَ خراج، ولا شيئاً إلا أن يكون في غزوة مع النبي صلعم أو مع أبي بكر وعمر(8) وعثمان، فحسبت ما (كان) عليه من الدين (فوجدته)(9) ألفي ألف ومئتي ألف، قال: فَلقي حكيمُ بن حزام عبدَ الله (بن الزبير) فقال: يا ابن أخي، كم على أخي من الدَّين؟ فكتمه وقال: مئة ألف، فقال حكيم: والله ما أرى أموالكم تَسَعُ لهذه، قال له عبد الله: أفرأيت(10) إن كانت ألفي ألف / ومئتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا؟ فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي، وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومئة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وست مئة ألف، ثم قام فقال: من كان [له] على الزبير حق فليوافنا بالغابة، فأتاه عبد الله بن جعفر وكان (له)(11) على الزبير أربع مئة ألف فقال لعبد الله: إن شئتم تركتها لكم، قال عبد الله: لا، قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخِّرون إنْ أخَّرتم، قال(12) عبد الله: لا، (قال)(13): قال: فاقطعوا لي قطعة(14)، قال عبد الله: لك من ههنا إلى ههنا، قال: فباع منها فقضى دينه فأوفاه، وبقي منها أربعة أسهم ونصف، فقَدِم على معاوية وعنده عَمْرو بن عثمان والمنذر بن الزبير وعبد الله بن زمعة، فقال له معاوية: كم قُوِّمت الغابة؟ قال: كلُّ سهم مئة ألف، قال: كم بقي؟ قال: أربعة أسهم ونصف، فقال المنذر بن الزبير: قد أخذت سهماً بمئة ألف، وقال عَمْرو بن عثمان: قد أخذت سهماً بمئة ألف، وقال عبد الله بن زمعة: قد أخذت سهماً بمئة ألف، قال معاوية: كم بقي؟ قال: سهم ونصف، قال: قد أخذته بخمسين ومئة ألف، (فباع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بست مئة ألف)، فلمَّا فرغ ابن الزبير من قضاء دينه قال بنو الزبير: اقْسِم بيننا ميراثنا، فقال: (والله)(15) لا أقْسِمُ بينكم حتى أنادي بالموسم أربع سنين: أَلَا مَنْ كان له على الزبير دَيْنٌ فليأتنا فلنقْضِهِ! قال: فجعل كُلَّ سنة ينادي بالموسم، فلمَّا مضى(16) أربع سنين قَسَم بينهم، وكان للزبير أربع نسوة، ورفَعَ الثُّلثَ، فأصاب كلَّ امرأة ألفُ ألفٍ ومئتا ألف، (فجميع ماله خمسون ألف ألفٍ ومئتا(17) ألف)(18)». [خ¦3129].
          [قلتَ رضي الله عنك:] وجه مطابقة الترجمة للحديث أن الزبير ما وُسِّع عليه بولاية ولا جباية، بل ببركة غزوه مع النبي صلعم ، فبارك الله له في سهامه من الغنائم لِطيبِ أصلها وسداد معاملته فيها.
          ووَهَّمَ شارح البخاريِّ راوي الحديث في حساب الجملة فقال: التحقيق أنها سبعة وخمسون ألفَ [ألفٍ] وتسع / مئة ألف. ووهِمَ الشارحُ أيضاً إنَّما هي وست مئة ألف.


[1] في (ت) و(ع): «قال».
[2] في (ت) و(ع): «يعني بني عبدِ الله».
[3] في (ع): «تسع».
[4] في (ع): «بديني».
[5] ليست في (ع).
[6] في (ت): «عنه».
[7] في (ت): «امرأة».
[8] في (ع): «ومع عمر».
[9] ليست في (ع).
[10] في (ت): «أفرأيتك».
[11] ليست في (ع).
[12] في (ع): «ثم قال».
[13] ليست في (ع).
[14] في (ز): «قطعتها»!.
[15] ليست في (ع).
[16] في (ت): «قضى».
[17] في (ت): «ومئتي».
[18] ليست في (ع).