مصابيح الجامع الصحيح

كتاب الإيمان

           ░░2▒▒ (كتاب الإيمان)
          إشارة: التَّيميُّ: الإيمان مشتقٌّ من الأمن؛ لأنَّ العبد إذا صدَّق الرَّسول ◙؛ أمن من القتل والعذاب.
          فائدة: قد يُستَعمَل باللَّام، نحو: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا} [يوسف:17] وقد تقدَّم بالياء عند تضمينه معنى الاعتراف، نحو: {يُؤْمِنُوْنَ بِالغَيْبِ} [البقرة:3] كأنَّه يؤمنون بالغيب معترفين، وفي الشَّرع تصديقٌ خاصٌّ على الأصحِّ، وهو تصديق الرَّسول ◙ بما عُلِمَ مجيئه به ضرورة، مع اختلافٍ فيه من أنَّه حقيقة شرعيَّة بوضع الشَّارع واختراعه له أو مجاز لغويٌّ.
          بدأ ⌂ بعد مقدِّمة الكتاب بذكر (كتاب الإيمان) ثمَّ بـ(كتاب الصَّلاة) لسوابقها من الطَّهارة بالتَّرتيب الَّذي رتَّبه صلعم في هذا الحديث، وقدَّم الإيمان؛ لأنَّه مِلاك الأمر كلِّه وأصله، ثمَّ الصَّلاة؛ لأنَّها عماد الدِّين، ثمَّ الزَّكاة؛ لكونها قرينة الصَّلاة، أو لأنَّها قنطرة الإسلام، أو لاعتناء الشَّارع بهَا لذكرها أكثر من ذكر غيرها من الصَّوم والحجِّ، أو لشمولها المكلَّف وغيره كما هو مذهب أكثر العلماء، ثمَّ الحجَّ؛ للتَّغليطات الواردة فيه، ولعدم سقوطه بالبدل؛ لوجوبِ الإتيان به إمَّا مباشرة، وإمَّا استبانة، بخلاف الصَّوم.
          وفي بعض الرِّوايات جاء الصَّوم مقدَّمًا على الحجِّ، وعليه وضع الكتب الفقهيَّة، وذلك لأنَّ الصَّوم يتكرَّر كلَّ سنة بخلاف الحجِّ، لكنَّ البخاريَّ قدَّم رواية تقديم الحجِّ، وإنَّما توسَّط كتاب العلم بين الإيمان والصَّلاة؛ لأنَّ الإيمان أفضل الأمور على الإطلاق، وأمَّا تقديم كتاب الوحي فلتوقُّف معرفة الإيمان وجميع ما يتعلَّق بالدِّين عليه، انتهى.
          فائدة: قال الزَّمخشريُّ: إنما بوَّب المصنِّفون في كتبهم أبوابًا موشَّحة الصُّدور بالتَّراجم؛ لأنَّ القارئ إذا ختم بابًا من الكتاب ثمَّ أخذ في آخر؛ كان أبسط(1) وأبعث على الدَّرس والتَّحصيل بخلاف ما لو استمرَّ على الكتاب بطوله، ومثله المسافر إذا علم أنَّه قطع ميلًا، أو طوى فرسخًا أو انتهى إلى رأس بريد؛ نفَّسَ ذلك عنه ونشط للمسير، ومن ثمَّ كان القرآن سورًا وجزأه القرَّاء، انتهى.


[1] في (خ1▒: (أنشط له).