مصابيح الجامع الصحيح

حديث: خرج ثلاثة يمشون فأصابهم المطر

          2215- [ (عليهم)؛ أي: على باب غارهم.
          و(الحلاب): بالكسر؛ الإناء الذي يحلب فيه؛ ويراد به هنا: اللبن المحلوب فيه]
.
          قوله: (فبدأت بوالِدَيَّ) : إن قلت: نفقة الفروع مقدمة على الأصول، فلم تركهم جائعِين؟
          قلت: لعل في دينهم نفقة الأصل مقدمة، أو كانوا يطلبون الزائد على سدِّ الرمق، أو الصياح لم يكن من الجوع، انتهى كلام الكرماني، وقد ورد في حديث الغار: «وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع».
          [و(الأبوان): من باب التغليب، إذ المقصود: الأب والأم.
          و(الأهل): محمول هنا على الأقرباء؛ نحو: الأخ والأخت.
          (يتضاغون): من باب (التفاعل) من الضغاء؛ وهو الصياح بالبكاء؛ أي: يصيحون.
          و(الدأب): العادة والثبات.
          والمراد من الوجه: الذات، ويحتمل أن يراد: جهة التقرب إليك.
          (الفرجة)؛ بالضم والفتح]
.
          قوله: (كأشد): الكاف زائدة، [وأراد: تشبيه محبته بأشد المحبات.
          و(لا تفضَّ): بفتح الضاد وكسرها.
          و(الخاتَم): بكسر التاء وفتحها، وهي: كناية عن بكارتها.
          (إلا بحقه): إلا بالنكاح.
          (فرْق): بفتح الراء وسكونها: مكيال يسع ثلاثة آصع.
          (الذرَة): بفتح الراء.
          إن قلت: أين جزاء الشرط الأول؟
          قلت: محذوف، وجزاء الثاني دليله، أو الشرط الثاني تأكيد الأول.
          فيه: أنه يستحب الدعاء في حال الكرب، والتوسل بصالح العمل إلى الله تعالى؛ كما في الاستسقاء.
          وفيه: فضل بر الوالدين وفضل خدمتهما وإيثارهما على من سواهما من الأولاد والزوجة.
          وفيه: فضل العفاف عن المحرمات، لا سيما بعد القدرة عليها، وجواز الإجارة بالطعام، وفضيلة أداء الأمانة، وإثبات كرامات الأولياء.
          إن قلت: هل فيه حجة على جواز بيع الفضولي؟
          قلت: لا، إذ اختلفوا في أن شرع من قبلنا حجة لنا أم لا، وعلى تقدير الحجيَّة؛ فيحتمل أنه استأجره بفرق من الذرة ولم يسلمه إليه بل عرضه عليه، فلم يقبضه لرداءته؛ فبقي على ملك المستأجر، لأن ما في الذمة لا يتعين إلا بقبض صحيح، ثم إن المستأجر تصرف فيه وهو ملكه؛ فصح تصرفه؛ سواءً اعتقده لنفسه أو للأجير، ثم تبرع بما اجتمع منه على الأجير بتراضيهما.
          الخطابي: إنما تطوع به صاحبه وتقرب به إلى الله تعالى؛ ولذلك توسل بالخلاص، ولم يكن يلزمه في الحكم أن يعطيه أكثر من الفرق الذي استأجره عليه، فلذلك حُمِدَ فعله.]