مصابيح الجامع الصحيح

المقدمة

          ♫
          الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
          فهذا تعليقٌ على صحيح الإمام البخاري ⌂، جمعتُهُ من تعليقٍ للإمام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن يوسف بن علي بن محمد بن سعيد السعيدي الكِرماني، هكذا نقلت هذا النسب من خط من لا أعرفه، وذكر أنه تعليق من خط الكرماني، وكرمان قال المؤلف المشار إليه: بكسر الكاف: مملكتنا منزل الكرم والكرام، وقيل: بفتحها. كذا قال في «كتاب الحج»، وقال في «كتاب البيع» : قال النووي: هو بفتح الكاف. قال الكرماني المشار إليه: أهل البلد أعلم باسم بلدهم من غيرهم، وهم متفقون على كسرها. وقال في «شرحه» المشار إليه: إنه ولد بكرمان، قال: وهو مولدي وأول أرض مسَّ جلدي ترابَها. وقال في «التفسير» : قال النووي: هو بفتح الكاف. قال: هو بكسرها، وهي بلدتنا حماها الله تعالى، وأهل مكة أعرف بشعابها. انتهى. وضبطها الأصيلي بالكسر، وكذلك عُبدوس، والصواب الفتح، قاله الحَمْزي. انتهى.
          ورأيت في «طبقات الشافعية» لبعض المتأخرين: مولده في جمادى الآخرة، سنة سبع عشرة وسبع مئة، وأخذ عن [والده وعن جماعة بكرمان] وارتحل إلى الشيخ عضد الدين فلازمه اثنتي عشرة سنة، وقرأ عليه تصانيفه فأكثر، وشرح البخاري شرحًا جيِّدًا، وفيه أوهام فاحشة، وتصدى لنشر العلم ببغداد ثلاثين سنة، توفي راجعًا من الحج في المحرم سنة ست وثمانين وسبعمائة، ونقل إلى بغداد فدفن عند الشيخ أبي إسحاق الشيرازي بوصية منه، في موضع أعدَّه لنفسه، ثم بنى عليه ابنه هناك قبة ومدرسة. انتهى.
          وقد أخبرني بالصحيح المشار إليه إجازة الشيخ عفيف الدين أبو المعالي علي بن الشيخ الإمام جمال الدين أبي المحاسن عبد المحسن البغدادي الحنبلي قال: أخبرنا به شارحه المولى العلامة شمس الأئمة الكرماني في منزله مجاور جامع الخلافة ببغداد، في شهر شوال سنة خمس وثمانين وسبع مئة، وقد ساق الكرماني المشار إليه سنده بالصحيح المشار إليه أول شرحه.
          ومن جملته إلى القاضي أبي عبد الله الحُسين المحاملي قال: وهو آخر مَن روى عن البخاري ببغداد، وقال بعضهم: سماعه منه إِنَّما هو لبعض صحيحه لا لكله، ولد سنة خمس وثلاثين ومئتين، ومات سنة ثلاثين وثلاث مئة.
          والبزدوي آخر مَن حدَّث عن البخاري بصحيحه، كما جَزَمَ ابنُ ماكولا وغيره، قال شيخنا أبو الفضل ☼: وقد عاش بعده ممَّن سمع من البخاري القاضي الحسين بن إسماعيل المحاملي ببغداد، ولم يكن عنده عنه الجامع الصحيح، وإنَّما سمع منه مجالس أملاها ببغداد في آخر قدمة قدمها البخاري، وقد غلط مَن روى الصحيح من طريق المحاملي المذكور غلطًا فاحشًا. انتهى.
          ورأيتُ [في ترجمة «محمد بن أحمد البلنسي الأندلسي» في «لسان] الميزان» : قال أبو جعفر بن الزبير: رأيت بخطه إسناد صحيح البخاري عن السِّلفي عن ابن البطر عن ابن البيع عن المحاملي عنه، وليس عند السلفي بهذا الإسناد سوى حديث واحد. قال شيخنا: اغترَّ بعض المتأخرين بهذا التركيب وحدَّثوا به والله المستعان. انتهى.
          وجمعته أيضًا من تعليق للإمام البرماوي، وهذا التعليق لم أنظره كله، إنما نظرت منه قطعة كبيرة، وهي من أول «صلاة الخوف» إلى «كتاب الصدقة على موالي أزواج النبي ◙»، ومن باب: «إذا أحال...» في «كتاب الحوالة» إلى أول «كتاب التفسير».
          ومن تعليق الإمام بدر الدين الإمام بدر الدين الزركشي المسمى التنقيح، وهو محمد بن بهادر بن عبد الله الشافعي، مولده سنة خمس وأربعين، أخذ عن الإسنوي والبلقيني، وتخرَّج في الحديث بمغلطاي كان منقطعًا إلى الاشتغال بالعلم، وله أقارب يقومون به، توفي سنة أربع وتسعين وسبع مئة، ودفن بالقرافة الصغرى، بالقرب من تربة الأمير بكتمر الساقي، ذا مصنفات، / منها «تكملة شرح المنهاج» ثم أكمله لنفسه، وله «الخادم»، فيه فوائد، و «البحر» في الأصول في ثلاثة أجزاء، وله مؤلف آخر على الصحيح سماه: «الفصيح».
          ومن شرح البخاري للبحر الفهامة أبي الفضل العسقلاني ☼، ولم أنظره كاملًا، ومن تعليق والدي الحافظ برهان الدين ⌂، والله تعالى أسأل أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وهو حسبي ونعم الوكيل.