الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه

حديث: أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة
     
         1           

  الرواة  
شروح الصحيح
                          
    التالي السابق

3- 4- حدَّثنا (1) يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، قالَ: حدَّثنا اللَّيْثُ، عن عُقَيْلٍ، عن ابْنِ شِهابٍ، عن عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ:
عن عائِشَةَ (2) أُمِّ المُؤْمِنِينَ، أَنَّها قالتْ: أَوَّلُ ما بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فكانَ (3) لا يَرَى رُؤْيا إلَّا جاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الخَلاءُ، وكانَ يَخْلُو بِغارِ حِراءٍ، فَيَتَحَنَّثُ فيه _وهو التَّعَبُّدُ_ اللَّيالِيَ ذَواتِ العَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ (4) إِلى أَهْلِهِ، ويَتَزَوَّدُ(5) لذلك (6)، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِها، حتَّى جاءَهُ الحَقُّ وهو فِي غارِ حِراءٍ، فَجاءَهُ المَلَكُ، فقالَ: اقْرَأْ. قالَ (7): «ما أَنا بِقارِي(8)». قالَ: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ (9)، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فقالَ: اقْرَأْ. قُلْتُ (10): «ما أَنا بِقارِي». فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ (11)، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فقالَ: اقْرَأْ. فَقُلْتُ: «ما أَنا بِقارِي». فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فقالَ: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. } [العلق: 1-3] ». فَرَجَعَ بها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فقالَ: «زَمِّلُونِي، زَمِّلُونِي (12) ». فَزَمَّلُوهُ حتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فقالَ لِخَدِيجَةَ وأَخْبَرَها الخَبَرَ: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي». فقالَت (13) خَدِيجَةُ: كَلَّا، واللَّهِ ما يُخْزِيكَ (14) اللَّهُ أَبَدًا؛ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ (15) المَعْدُومَ، وتُقْرِي (16) الضَّيْفَ، وتُعِينُ عَلَى نَوائِبِ الحَقِّ.
فانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حتَّى أَتَتْ بِهِ ورَقَةَ بنَ نَوْفَلِ بنِ أَسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى، ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ، وكانَ امْرَأً قَدْ (17) تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وكانَ يَكْتُبُ الكِتابَ العِبْرانِيَّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالعِبْرانِيَّةِ ما شاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وكانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فقالَت لَهُ خَدِيجَةُ: يا ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِن ابْنِ أَخِيكَ. فقالَ لَهُ ورَقَةُ: يا ابْنَ أَخِي ماذا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ (18) ما رَأَى، فقالَ لَهُ ورَقَةُ: هَذا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ (19) اللَّهُ عَلَى مُوسَى (20) يا لَيْتَنِي فيها جَذَعًا (21)، لَيْتَنِي (22) أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فقالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟!». قالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ ما جِئْتَ (23) بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ ورَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الوَحْيُ.
قالَ ابْنُ شِهابٍ: وأخبَرَني أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:
أَنَّ جابِرَ بنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصارِيَّ قالَ وهو يُحَدِّثُ عن فَتْرَةِ الوَحْيِ، فقالَ فِي حَدِيثِهِ: «بَيْنا أَنا أَمْشِي إِذْ سمعتُ صَوْتًا مِنَ السَّماءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي، فَإِذا المَلَكُ الَّذِي جاءَنِي بِحِراءٍ جالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّماءِ والأَرْضِ، فَرُعِبْتُ مِنْهُ، فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي (24)، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعالَى (25): { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنذِرْ } إلى
/
قَوْلِهِ: { وَالرُّجْزَ(26) فَاهْجُرْ } [المدثر: 1-5] (27). فَحَمِيَ الوَحْيُ وتَتابَعَ (28) ».
تابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بنُ يُوسُفَ وأَبُو صالِحٍ.
وتابَعَهُ هِلالُ بنُ رَدَّادٍ (29) عن الزُّهْرِيِّ.
وقالَ يُونُسُ ومَعْمَرٌ: «بَوادِرُهُ (30) ».


[1] في رواية أبي ذر: «وحدَّثنا».
[2] ضُبطت في اليونينية بلفظين: المثبت، و«عائِشَةَ».
[3] هكذا في روايةٍ للأصيلي أيضًا، وفي رواية أبي ذر وابن عساكر وأخرى عن الأصيلي ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «وكان».
[4] في هامش (ب، ص): «أي: يحنُّ ويشتاقُ ويرجِع إلى أهله وعياله [في ص: إلى أهله: أي عياله] ».
[5] هكذا في رواية أبي ذر ورواية السمعاني عن أبي الوقت، وهو موافق لما في الإرشاد. (ب، ص)
[6] لفظة: «لذلك» ثابتة في رواية أبي ذر ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت أيضًا.
[7] في رواية أبي ذر ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «قلت»، وزاد في (ب، ص) نسبتها إلى رواية الأصيلي أيضًا.
[8] ضبطت في (و، ب، ص): «بقارئٍ» في المواضع الثلاث.
[9] ضُبطت في اليونينية بلفظين: المثبت، و«الجُهْدُ»، وكتب بهامش اليونينية: قوله: «حتّى بَلَغَ مِنِّي الجهد» بفتح الجيم، وقال بعضهم بضمها. وبالفتح: الغاية والمشقة، ومن قال بالضم فإما أن يكون لغتين، أو يكون وُسْعُ الملَكِ وطاقته مِن غطِّه. ويكون على هذا التأويل منصوبًا _أي الجهدَ_ مفعولًا_أي بلغ الغطُّ مني الجهدَ_ وعلى التأويل الآخر يكون مرفوعًا فاعلًا_أي بلغ مني الجهدُ مبلغه_.اهـ.
[10] هكذا في رواية ابن عساكر أيضًا، وفي رواية أبي ذر والأصيلي ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «فقلتُ».
[11] ضُبطت في اليونينية بلفظين: المثبت، و«الجُهْدُ».
[12] صحَّح عليها في اليونينيَّة.
[13] في رواية أبي ذر عن الحَمُّويِي والمُستملي: «قالت».
[14] في رواية أبي ذر والكُشْمِيْهَنِيِّ: «يَحْزُنك» من الحزن.
[15] في رواية ابن عساكر وأبي ذر والكُشْمِيْهَنِيِّ: «وتُكسِبُ» بضم التاء.
[16] ضبطت في (ص) بفتح التاء، وهكذا ضبطها في الإرشاد.
[17] لفظة: «قد» ليست في رواية أبي ذر والأصيلي وابن عساكر ولا في رواية السَّمعاني عن أبي الوقت.
[18] هكذا في رواية أبي ذر وابن عساكر ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت أيضًا (و)، وفي رواية الأصيلي ورواية أبي ذر عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: «بخبرِ».
[19] في رواية الكُشْمِيْهَنِيِّ: «أَنزَلَ».
[20] في رواية الأصيلي زيادة: «صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
[21] في رواية الأصيلي ورواية أبي ذر عن الحَمُّويِي: «جَذَعٌ».
[22] في رواية الأصيلي: «يا ليتني».
[23] ضُبطت في اليونينية بلفظين: المثبت، و«جِئْتَ ».
[24] في رواية أبي ذر ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «زَمِّلوني زَمِّلوني» مرتين.
[25] في رواية أبي ذر والأصيلي ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت: «عزَّ وَجَلَّ».
[26] بكسر الراء المشددة على قراءة الجمهور غير حفص وأبي جعفر ويعقوب (ن، ب)، وضبطها في (ص) بالكسر والضمِّ، وأهمل ضبطها في (و).
[27] بهامش اليونينية: «الآية ثابتة عند أبي ذر والأصيلي وابن عساكر ورواية السَّمعاني عن أبي الوقت» ا ه.
[28] في رواية أبي ذر والكُشْمِيْهَنِيِّ: «وتواتر».
[29] صحَّح على هذا اللفظ في اليونينيَّة قبله وبعده.
[30] هكذا في رواية الأصيلي وروايةٍ للسَّمعاني عن أبي الوقت أيضًا، وفي رواية كريمة والكُشْمِيْهَنِيِّ وأبي ذر وابن عساكر ورواية أخرى للسَّمعاني عن أبي الوقت: «تواتر». قلنا: وكلاهما محتملٌ؛ فمن روى: «تواتر» أراد الاختلاف في ضبط رواية: «فَحَمِيَ الوَحْيُ وتَتابَعَ»، ومن علي روى: «بوادره» أراد الاختلاف في ضبط رواية: «يَرْجُفُ فُؤادُهُ» (ل) .