مشارق الأنوار على صحاح الآثار

باب الألف والهمزتين المنفردتين

          بابُ الألِفِ والهمزَتَينِ المُنفرِدَتَينِ
          ممَّا اختُلِفَ فيه
          1- قوله: «أَتَسخَرُ بي وأنتَ الـمَلِكُ؟!» [خ¦6571] حمَلَ الحديثَ جماعةٌ من المتأوِّلينَ على أنَّ الألِفَ ألِفُ استِفهامٍ، وعلى الاستِعارَة والمقابَلةِ، كما قال في قَولِه تعالى: {اللّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ} [البقرة:15]، وسَنذكُرُه في حَرفِ السِّين [س خ ر]، وقيل: بل الألفُ هنا للنَّفيِ بمعنى: «لا»؛ أي: إنَّك لا تسخَرُ بي، ولا يليقُ بك السُّخريةُ، كقوله تعالى: {أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء} [الأعراف:155] أي: أنتَ لا تفعَلُ ذلك.
          ومثلُه قولُه في حديثِ الوَصِيَّة: «أَهَجَرَ؟!» [خ¦3168]، أو «أيَهجُرُ؟!» في روايةِ مَن رواهُ بمعنَى: يَهذِي؛ أي: إنَّه لا يهجُرُ، ولا يصِحُّ أن يهجُرَ، وهو معصومٌ مِن أنْ يقولَ ما لا حقيقةَ له، وإنَّه لا يقولُ في الصِّحةِ والمرضِ واليقَظةِ والنَّومِ والرِّضا والغَضبِ إلا حقًّا، وهذا كلُّه صحيحٌ من جهةِ المعنَى.