المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم

ما عيب على الشيخين الإخراج عن جماعة من المجروحين

          [الذبُّ عن الشيخين فيما عيب على كلِّ واحد منهما مِن الإخراج عن جماعة من المجروحين](1)
          ♫
          أخبَرَنا ابن حمشاذ العدل: [حدَّثنا](2) الإسماعيليُّ بن إسحاق القاضي، وأبو يحيى الناقد، قالا: أخبَرَنا إبراهيم بن حمزة الزُّبَيريُّ: أخبَرَنا عبد العزيز بن محمَّد، عن حُمَيد، عن الحَسن، عن أنس أنَّ النَّبِيَّ صلعم، قال: «مَنْ نَصَرَ أخاهُ بظهرِ الغيب نَصَرَهُ الله في الدنيا والآخرة».
          فأقول وبالله التوفيق:
          إنَّ الإمامين الفاضلين المُقدَّمين أبا عبد الله محمَّد بن إسماعيل البخاريُّ، وأبا الحسين مسلم بن الحجَّاج سَعَيا في طلب العلم، ورَحَلا وجَالا، وصنَّفا وذاكرا أئمة عصرهما، وطالب كلُّ واحد منهما شرطه في الصحيح في حداثة سنِّه، فقد حدَّثونا عن محمَّد بن إسماعيل، أنَّه قال: كُنَّا على باب إسحاق بن إبراهيم بنيسابور، فسمعت أصحابنا يقولون: لو جُمع جامعٌ مختصرٌ صحيحٌ، تُعرف به الآثار. فأخذت في جمع هذا الكتاب. /
          وحدَّثونا عن محمَّد بن عبد الوَهَّابِ قال: سمعتُ الحُسين(3) بن منصور يقول: قال إسحاق بن إبراهيم الحنظليُّ ونظر إلى مسلم بن الحجَّاج فقال: مرداكان بوذ(4).
          فرضي الله عن إسحاق، لقد أصابت فراسته الذكية فيهما.
          أما محاسن هذين الإمامين وفضائلهُما، فإنَّها أكثر مِن أن يحتمل ذكرها هذا الموضع، وقد أخرجتُ المنقول إلينا من فضائلهِما عند ذكرهما في ((تاريخ نيسابور)).
          والغرض في هذا الموضع الذَّبُ عنهما فيما عِيب على كلِّ واحد منهما مِن إخراج جماعة مِمَّن تقدم ذكري لهم في المُسندين الصحيحين، والبيان أنَّهما لم يخرجا الحديث في كتابيهما إلَّا عن الثِّقات الأثبات، إلَّا عند الاستشهاد بخبر لم يستغنيا فيه عن تقييده منهما بمتابعٍ شاهد، يكون في الحفظ والإتقان دون المتابع؛ لأنَّ كلًا منهما قد احتاط لدينه فيما نحا نحوه، / وأتعب مَنْ بعدَهُ في طلب ما خرَّجه، فجزاهما الله عن دينهما، وعن نَبِيِّهما صلعم خيرًا.


[1] زيادة توضيحية
[2] زيادة لا بدَّ منها.
[3] في الأصل: (الحسن)، والمثبت هو الصواب.
[4] نقل المزي عن الحاكم: سمعت الحسين بن منصور يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، و ذكر مسلم بن الحجاج، فقال بالفارسية كلامًا معناه: أي رجل كان هذا ؟.