ختم صحيح الإمام البخاري

الكلام على الآية من جهة علم الأصول

          الثامن: علم الأصول:
          تقدَّم أنَّ قوله تعالى: {ونضع} خبر لا إنشاء، والخبر لا يجوز نسخه؛ أي: نسخ مدلوله مطلقًا، ماضيًا كان أو مستقبلًا، وإن كان ممَّا يقبل التغيُّر؛ لأنَّه يوهم الكذب؛ أي: يوقعه في الوهم؛ أي: الذهن، حيث يخبر بالشيء، ثم بنقيضه، وذلك محال على الله، هذا في نسخ مدلوله، كما ذكرناه، وأمَّا نسخ لفظه؛ فيجوز، وقيل: / يجوز نسخ المدلول إن كان خبرًا عن مستقبل، بشرط قبوله للتغيُّر؛ لجواز المحو لله تعالى فيما يقدِّره من الأمور المستقبلة المكتتبة في اللوح؛ لقوله: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد:39]، والإخبار يتبعُه؛ أي: يتبع المحو، بخلاف الخبر عن ماضٍ، وعلى هذا القول البيضاويُّ، وقيل: يجوز عن الماضي أيضًا؛ لجواز أن يقول الله: لبث نوح في قومه ألف سنة، ثمَّ يقول: لبث ألف سنة إلَّا خمسين عامًا، وعلى هذا القول الرازيُّ، والآمديُّ، وهو أضعف من الثاني، والحقُّ أنَّ مثل ما ذكر فيه تخصيص لا نسخ؛ فليتأمَّل، والله أعلم(1).


[1] في هامش الأصل حاشية: (راجع مبحث النسخ من شرَّاح التاج السبكيِّ، لدى قوله: لا الخبر).