الجمع بين الصحيحين للموصلي

المقدمة

          ♫
          الحمدُ للهِ الواجبِ الوُجودِ الواجدِ الماجدِ الودودِ، المنزَّهِ عن الصَّاحبةِ والبنينَ والجُّدودِ، أرسلَ محمَّداً صلعم إلى العربِ والعَجمِ، البيضِ والسُّودِ، فدعا العبادِ إلى عبادةِ المعبودِ، وأقامَ الفرائضَ والسُّنن والحدودَ، وخصَّ هذهِ الأمَّةَ بأن جعلَ عذابَها في أيديها فإذا كان يومُ القيامةِ، دُفعَ إلى كلِّ رجلٍ منهم رجلٌ من اليهودِ فكان فِكَاكَهُ من النَّارِ ذاتِ الوقودِ (1)
          صلَى الله عليهِ وعلى آله وأصحابهِ الرُكَّع السجودِ، الموفينَ بالعهودِ، صلاةً دائمةً إلى يومِ البعثِ من اللُّحُوْدِ وسلَّم تسليماً.
          وَبَعدُ، فإنَّ أشرفَ العلومِ معرفةُ كتابِ اللهِ تعالى، وسنَّةِ رسولِهِ صلعم، لأنَّ شرفَ العلمِ بشرفِ من صَدَرَ عنهُ ثمَّ عِلْمُ العربيَّةِ؛ لأنَّه لا يُتوصَّلُ إلى معرفةِ كتابِ الله وسنَّةِ رسولِهِ إلَّا به، ثمَّ عِلْمُ الفقهِ؛ لأنَّه مُسْتَنْبَطٌ من هذهِ العلومِ الثَّلاثةِ.
          ولمَّا كانَ علمُ الحديثِ، ورأيتُ إعراضَ الناسِ عنهُ، وسببُ إعراضِهم عنهُ أربعةُ أشياءٍ:
          أحدها: أنَّه حَقٌّ محضٌ.
          والثاني: كَثْرَتُهُ.
          والثالث: أنَّه يحتاجُ إلى الأسفارِ.
          والرابع: أنَّه يُسأمُ من طولِ الأسانيدِ والمكرَّرِ من المتونِ.
          فجمعتُ كتابي هذا، وحذفتُ منه الأسانيدَ والمكرَّرَ من المتونِ، إلَّا ما كان يحتملُ إدخالَهُ في أبوابٍ مُتَعَدِّدَةٍ، فإنا اضْطَرَرْنَا إلى إعادتِهِ لئلَّا يخلو البابُ منه.
          وحذفتُ أيضاً مقدارَ عشرين حديثاً طوالاً مما ليسَ فيها لفظٌ نبويٌّ نحو توبةِ كعبِ بن مالكٍ، وذكرتُ منه أسماءَ الثَّلاثةِ الذين تِيْبَ عَليهم، وكذلك حديثُ الإفك، وكذلك إسلام أبي ذرٍّ، وكذلك قتلُ كعبِ بن الأشرفِ وقتلِ أبي رافعِ بنِ أبي الحُقَيْقِ، إلى غيرِ ذلك مما لا فائدةَ في ذكرِهِ وإطالتِهِ.
          وسمَّيْتُهُ ((الجمعَ بين الصَّحيحينِ مع حذفِ السَّندِ والمكرَّرِ من البَيْنِ)).
          وقد جمعَ الحُمَيْدِيُّ والجَوْزَقِيُّ وغيرهما الصحيحينِ، غيرَ أنَّ الحُميديَّ لم يُبَوِّبْ، وجمع الجَّوزقيُّ غير أنهُ لم يذكرْ أفرادَهُما، وإنَّما ذكرَ المُتَّفَقَ عليهِ لا غير.
          وقد بوَّبْتُ كتابي هذا ورتَّبْتُهُ على حروفِ المعجمِ، ليكونَ سهلَ المتناولِ على من أرادَ الانتفاعَ بهِ، من الخاصِّ والعامِّ، وها أنا ذاكرٌ كُتُبَهُ وأبوابَهُ فمن أرادَ استخراجَ شيءٍ منهُ نظرَ في هذه الكتبِ والأبوابِ، وبالله أستعينُ على نجحِ المسعى، إنَّه قريبٌ مجيبٌ.


[1] أخرجه مسلم برقم [م:2767].