الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

خاتمة الجمع بين الصحيحين

          آخرُ الجمعِ بين «الصَّحيحَين»
          قال الشَّيخُ الإمامُ الحافظُ أبو عبد الله محمَّدُ بن أبي نصرِ بن عبد الله الحُميديُّ غفر الله له:(1)
          يتصل بآخر ما في الصحيحين من مسند الصحابة إلى هذا آخرُ ما قصدنا إليه من «الجَمعِ بين الصَّحيحينِ»، وتمييزِ ما اتفقا عليه من المتونِ المخرَّجةِ فيهما، وما انفرَدَ به أحدُهما منها، مستَقصىً على ما شرطناه، مرتَّباً على ما بدَأنا به وبيَّناه، مع الاختصارِ المُعِينِ على سُرعةِ الحفظِ والتِّذكارِ، ولم يبقَ للباحثِ المجتهدِ إلَّا النظرُ فيها، والتفقُّهُ في معانيها، ومراعاةُ حفظِها، وإقامةُ الحجَّةِ بها، وإلى هذا قصَدَ المتقدِّمون من أئمةِ الدِّينِ في حفظِ إسنادها للمتأخِّرينَ؛ لتكونَ حاكمةً بين المختلِفين، وشواهدَ صدقٍ للمتناظِرين، أجمعين، ووفَّقَ الباقين من التَّابعين لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ.
          فأمَّا إسنادُنا في هذَين الكتابَين؛ فقد رَوَينا كتابَ الإمامِ أبي عبد الله البخاريِّ بالمغربِ عن غيرِ واحدٍ من شيوخنا بأسانيدَ مختلفةٍ تتَّصلُ بأبي عبد الله محمَّدِ بن يوسفَ بن مطرٍ الفِرَبْريِّ عن البخاريِّ.
          ثمَّ قرأتُه بمكَّةَ أعزَّها الله على المرأةِ الصَّالحةِ كريمةَ بنت أحمدَ بن محمَّدِ بن حاتمٍ المِروَزيِّ غيرَ مرَّةٍ لعلوِّ إسنادِها فيه، _كأنَّا قرأناه على أبي ذرٍ عبدِ بن أحمدَ الهَرويِّ_ عن أبي الهيثم محمَّدِ بن المكِّيِّ بن محمَّدِ بن زَرَّاع(2) الكُشمِيهني عن / أبي عبد الله محمَّدِ بن يوسفَ بن مطرِ بن صالحِ بن بِشرِ بن إبراهيمَ الفِرَبْريِّ عن أبي عبد الله محمَّدِ بن إسماعيلَ البخاريِّ رحمة الله عليه.
          وأمَّا كتابُ الإمامِ أبي الحسينِ مسلمِ بن الحجَّاجِ النَّيسابوريِّ؛ فسمعناه بالفُسطاطِ قراءةً على الشَّيخِ الصَّالحِ أبي عبد الله محمَّدِ بن الفرجِ بن عبد الوليِّ الأنصاريِّ، وهو روايتُه عن أبي العبَّاسِ أحمدَ بن الحسنِ الحافظِ الرازيِّ، سمِعَه منه بمكَّةَ سنةَ ستٍ وأربع مئةٍ، قال: حدَّثنا أبو أحمدَ محمَّدُ بن عيسى بن عمرُويَه بن منصورٍ الجُلُوْديُّ، قال: أخبرنا الفقيهُ أبو إسحاقَ إبراهيمُ بن محمَّدِ بن سفيانَ النَّيسابوريُّ، قال: سمعته(3) من الإمامِ أبي الحسينِ مسلم بن الحجَّاج النَّيسابوريِّ.
          على أنَّنا لم نُغفلِ النَّظرَ:
          في كتابِ كريمةَ لروايتنا ذلك عنها.
          ولا في كتابِ أبي ذرٍ الهَرويِّ لسماعِنا ذلك عنهُ، من أبي مروانَ عبد الملكِ بن سليمانَ الخولانيِّ، وأبي القاسمِ أصبغَ بن راشدِ بن أصبغَ اللَّخميِّ عنه، وفيما أخبرونا به عن البَرْقانيِّ.
          وفي نسخةِ مسلمٍ المقروءةِ على شيخنا أبي عبد الله بن الفرجِ الأنصاريِّ.
          وأمعنَّا النظرَ في كلِّ نسخةٍ وجدناها من النُّسخِ في ذلك كلِّه، وأثبتنا منها ما رأينا أنَّه يَنتفعُ به الناظرُ فيه، ولا توفيقَ إلَّا بالله ╡ (4). /


[1] سقط من قوله: (آخر الجمع...) إلى هنا من (ظ).
[2] استشكل في (ابن الصلاح): (زراع).وفي هامش (ابن الصلاح): (قال شيخنا: وقع في الأصل بفتح الزاي والمحفوظ عند أهل المعرفة فيه ضم الزاي، وهو الصواب).
[3] استشكل في (ابن الصلاح): (سمعته)، وعلل في هامشه بأنّ بعضه يرويه عن مسلم من غير سماع، وهو مُفرَّقٌ مُبيّنٌ في أصلنا بصحيح مسلم وفي بعض الأصول.
[4] سقط من قوله: (على أننا لم نُغْفِل..) إلى هنا من (ابن الصلاح).