هداية الساري لسيرة البخاري

في ذكر نسبه ومولده وصفته

          ░1▒ فَصْلٌ
          في ذِكْرِ نَسَبِهِ وَمَوْلِدِهِ وَصِفَتِهِ
          هُوَ الإِمَامُ السَّيِّدُ، العَلَمُ الفَرْدُ، تَاجُ الفُقَهَاءِ، عُمْدَةُ المُحَدِّثِينَ: أَبُو عَبدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ المُغِيرَةِ بْنِ بَرْدِزْبَه بْنِ الأَحْنَفِ الجُعْفِيُّ.
          وَبَرْدِزْبَه: بِفَتْحِ البَاءِ المُوَحَّدَةِ، ثُمَّ رَاءٌ سَاكِنَةٌ، ثُمَّ دَالٌ مُهْمَلَةٌ مَكْسُورَةٌ ، ثُمَّ زَايٌ سَاكِنَةٌ، ثُمَّ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ مَفْتُوحَةٌ، ثُمَّ هَاءٌ، هَكَذَا قَيَّدَهُ الأَمِيرُ أَبُو نَصْرٍ ابْنُ مَاكُوْلَا(1) .
          وَقِيلَ فيهِ: بَذْدِزْبَه، كَمَا مَضَى، لَكِن بَدَلَ الرَّاءِ ذَالٌ مُعْجَمَةٌ . /
          وَكَانَ مَجُوسِيًّا، فَأَسْلَمَ ابْنُهُ المُغِيرَةُ عَلَى يَدَيِ اليَمَانِ وَالي بُخَارَى، وَكان اليَمَانُ جُعْفيًّا؛ فَنُسِبَ البُخَارِيُّ إِلَيْهِ.
          قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ أحمَدَ(2) بْنِ خَلَفٍ: سَمِعْتُ البُخَارِيَّ يَقولُ : سَمِعَ أَبِي(3) مِنْ مَالكِ بْنِ أَنَسٍ، وَرَأَى حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ قَدْ صَافَحَ ابْنَ المُبَارَكِ بِكِلْتَا يَدَيْهِ .
          وَقَالَ وَرَّاقُ البُخَارِيِّ(4) : سَمِعْتُ الحَسَنَ بْنَ الحُسَيْنِ البَزَّازَ يَقولُ: رَأَيْتُ / مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ شَيْخًا نَحِيفَ الجِسْمِ، لَيسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالقَصِيرِ، وُلِدَ يَوْمَ الجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَمِئَةٍ بِبُخَارَى .
          وَكَذَا حَكَاهُ المُسْتَنِيرُ بْنُ عَتِيقٍ: أَنَّ البُخَارِيَّ أَخْرَجَ لَهُ بِهِ خَطَّ أَبِيهِ .
          وَقَالَ الخَلِيلِيُّ(5) في «الإِرْشَادِ»: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ أبي مُسْلِمٍ الفَارِسِيَّ الحَافِظَ يَقولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ الفَضْلِ يَقولُ: سَمِعْتُ أَبَا حَسَّانَ مَهِيبَ بْنَ سُلَيْمٍ يَقولُ: سَمِعْتُ البُخَارِيَّ يَقولُ: وُلِدْتُ يَوْمَ الجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، لِثِنْتَيْ عَشَرَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَوَّالٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَمِئَةٍ. /


[1] انظر الإِكْمَال: 1/259، ووفيات الأعيان: 4/190، وتوضيح المشتبه: 1/440.
[2] تصحَّف في الأصل إلى: (محمَّد)، والتصويب من مصدر الرواية موافقٌ لما في تغليق التعليق: 5/384، وسيأتي ذكرُه في هذا الكتاب على الصواب في عِدَّة مواضع.
[3] في الأصل: (سَمع المغيرةُ)، وهو وهمٌ، والمثبَت على الصواب موافقٌ لما في مصدر النقل ومصدر تخريج الرواية، فكلام الإمام البخاري مُتعلِّقٌ بوصفِ حَال والده إسماعيل لا في وصف حال جدِّه الأعلى المغيرة والذي لعلَّه قد توفِّي قبلَ أن يُعرَف الإمامُ مالكٌ، وقد نقلَ المؤلفُ النصَّ على الصواب في تغليق التعليق: 5/384- 385، وفي فتح الباري (ط الفيحاء): 11/67، فتبيَّن أنَّ الوهمَ ها هنا من الناسخ، والله أعلم.
[4] كذا في الأصل، وهو موافق لما في تغليق التعليق: 5/385، وهو وهمٌ صَريحٌ؛ فكيف يُعقَل أنْ يَرويَ ورَّاقُ الإمام البخاريِّ صفةَ شيخه الجَسَديةَ عن غيره وهو الذي لازمه ملازمةَ الفَصيل لأمِّه وكان عُمدةَ الناس في معرفة أحوال الإمام البخاريِّ الخَفية والمُعْلَنة؟! وإنما راوي هذه الحكاية عن البزَّازِ الحافظُ ابنُ عديٍّ كما سيأتي في التعليق التالي، وهذا _فيما أُرى_ وهمٌ أصيلٌ برِئَت منه دواةُ الناسخ؛ فقد أخطأ المؤلف كرَّةً أُخرى حينَ نَقَلَ النصَّ نفسَه في تهذيب التهذيب 9/42؛ فعَزَى الروايةَ عن البَزَّازِ إلى بَكْرِ بن مُنِيرٍ؛ وحالُ بَكْرٍ كحال الوَرَّاق، ولعلَّ المؤلِّف _ها هنا_ وَقَعَ له تردُّدُ نَظَرٍ مع الفقرة التالية؛ فإنَّ حكايةَ المستَنير بن عَتيقٍ التاليةُ يرويها عنه الورَّاقُ، أمَّا في «التهذيب» فقد وقع في توهُّمٍ لعبارة الحافظ المِزِّيِّ في تهذيب الكمال: 24/438، والله أعلم.
[5] تحرفت في الأصل إلى: (الخلالي)، والنص في «إرشاده»: 3/959.